يشهد الوضع الامني في كوت ديفوار تصعيدا مع احتدام المواجهات بين القوات المؤيدة للرئيسين المتنافسين المنتخب الحسن واتارا و المنتهية عهدته لوران غباغبو خلفت عشرات القتلى و الجرحى في الوقت الذي يتجه فيه المشهد السياسي إلى مزيد من الانسداد. و كانت الساعات 48 الاخيرة أكثر "دموية" في أعقاب المواجهات العنيفة التي استعملت فيها الاسلحة الثقيلة و المدفعية بين القوات الموالية للرئيس غباغبو و القوات الجديدة /المتمردون السابقون/ الذين يساندون واتارا المعترف به دوليا كرئيس شرعي لكوت ديفوار حصدت عشرات الارواح إلى جانب العديد من الجرحى في العاصمة ابيدجان و في غرب البلاد. وقتل ما لا يقل عن ثلاثة أشخاص أمس في منطقة "أدجامي-أجبان" بأبيدجان و أصيب العشرات بجروح في اشتباكات استخدمت فيها هراوات ومناجل عندما حاول بعض الشباب فرض حظر التجول وتحرك آخرون لمنعهم دفاعا عن مصالحهم التجارية فى المنطقة التى تعد "جيبا صغيرا" داخل المنطقة الموالية لوتارا. و نقلت تقارير صحفية عن شهود عيان ان معارك عنيفة جرت قرب معسكر للجيش المؤيد للرئيس غباغبو وهو النبأ الذي أكده قال مصدر في هيئة اركان قوات الدفاع و الامن التابعة لغباغبو حيث قال "تعرضت مواقعنا لقذائف اسلحة ثقيلة اطلقها المتمردون. لقد تمكنا من التصدي لهم و قد لجؤا إلى القرى المجاورة".مضيفا "اننا نقوم بدوريات في هذه القرى". وتسجل القوات الجديدة-واتارا / تقدما منذ نهاية شهر فيفري المنصرم غرب البلاد حيث تمكنت من السيطرة على خمسة بلدات من ايدي القوات التابعة لغباغبو حسب التقارير الواردة من عين المكان. و شنت هذه القوات اليوم هجوما ببلدة "ديوكوي" التي تشكل تقاطعا استراتيجيا مهمما في غرب البلاد والتى كانت تخضع لسيطرة القوات الامنية الموالية لغباغبو حسب تقارير اوردها المعسكرين المتناحرين. وقال سيدو واتارا المتحدث باسم "القوات الجمهورية" الوالية لواتارا"قمنا بالعملية لتأمين الجزء الغربي الكبير و بالخصوص بلدتي (ديوكوي) و (غيغلو) حيث يزرع الجنود النظاميون الرعب في اوساط السكان". و في ذات السياق أكد متحدث من بواكي /وسط البلاد/ مركز القوات الجديدة بانهم يحاصرون حاليا البلدتين و من الممكن جدا ان تسقطا اليوم في ايديهم" في الوقت الذي اعلن فيه المتحدث باسم القوات الدفاع و الامن الموالية لغباغبو تعرض مواقعهم لهجوم من طرف القوات المنافسة على مشارف البلدة "ديوكوي". و أوضح أننيران الاسلحة تاتيهم من كل صوب مما ادى إلى مقتل جنديين و اصابة ثلاثة اخرين بجروحمضيفا ان "نيران المدفعية لم تتوقف بعد و اننا محاصرون من كل الجوانب". و تقع بلدة "ديوكوي" على بعد 40 كلم جنوب عن خط المواجهة السابق الذي يفصل كوت ديفوار منذ عام 2002 إلى شمال خاضع للقوات الجديدة و جنوب يسيطر عليه معسكر الرئيس غباغبو. وأعربت منظمة الأممالمتحدة عن "قلقها الشديد" إزاء الاستخدام المفرط للأسلحة الثقيلة من قبل أنصار غباغبو ضد المدنيين في ابيدجان و تدهور الوضع الانسانى فى كوت ديفوار. و أشارت مساعدة الامين العام للامم المتحدة للشوون الانسانية فاليرى اموس إلى ان اكثر من 460 شخصا قتلوا منذ مطلع ديسمبر الماضي وجرح عدد اكبر بكثير بما فى ذلك نساء واطفال. و بالتوازي مع الوضع الامني المتدهور في كوت ديفوار يشهد الوضع السياسي انسدادا "غير مسبوق" بعد رفض الحسن واتارا اختيار الاتحاد الأفريقى لوزير الخارجية السابق للرأس الأخضر جوزيه بريتو كوسيط فى الأزمة السياسية التي تواجهها البلاد. وقال وتارا إن قرار رئيس مفوضية الاتحاد الافريقى جان بينغ تعيين جوزيه بريتو وزير خارجية الرأس الأخضر السابق كممثل أعلى للاتحاد الافريقى لشؤون كوت ديفوار كان" اختيارا غير مناسب بسبب علاقاته الشخصية" مع لوران غباغبو. وأعرب وتارا عن "قلقه" البالغ إزاء عدم تشاور وتنسيق الاتحاد الافريقى معه عند اختيار بريتو موضحا أن هذا القرار "لا ينسجم مع الرغبة المعبر عنها والقاضية بتعيين رئيس دولة سابق فى هذا المنصب وبالتإلى فإن رئاسة كوت ديفوار ترفض تعيين جوزيه بريتو فى منصب الممثل الأعلى للاتحاد". وكان الاتحاد الأفريقى قد عين أمس السبت جوزيه بريتو للتوسط فى النزاع بين واتارا ومنافسه الرئيس غباغبو حيث سيتولى بموجب هذا العمل باتجاه إجراء مفاوضات بين الاطراف الايفوارية لإعداد سبل لتطبيق مقترحات اللجنة العليا وفقا لقرارت مجلس السلم والأمن وذلك تحت رعاية الاتحاد الافريقى والتجمع الاقتصادي لغرب إفريقيا (ايكواس). و من جانبه وافق غباغبو على ان يتولى ممثل الاتحاد الافريقى معالجة الازمة فى هذا البلد حيث قال المتحدث باسم معسكره أن "الراس الاخضر اظهرت دائما حيادا فى النزاع وعلى الوسيط الجيد ان يكون محايدا"مضيفا ان "حياد الراس الاخضر يمكن أن يتيح احراز تقدم"ومشيرا إلى ان "المعسكر الاخر (وتارا) يسعى إلى وسيط مؤيد له". و في هذه الاثناء جدد الرئيس الامريكى باراك اوباما ان الولاياتالمتحدة تعترف بحسن وتارا رئيسا "شرعيا" لكوت ديفوار مشيرا إلى أن " انتخابات العام الماضى في كوتديفوار كانت حرة ونزيهة والرئيس حسن وتارا هو زعيم الامة المنتخب ديموقراطيا". وجاءت رسالة اوباما بعد اجتماع عقده مجلس الامن الدولى الجمعة الماضي لبحث مسودة قرار قدمتها فرنسا ونيجيريا من أجل حظر الاسلحة الثقيلة فى ابيدجان والزام الرئيس غباغبو على التنحى من السلطة. وتسببت المواجهات المندلعة في كوت ديفوار منذ نوفمبر الماضي فضلا عن سقوط مئات القتلى في ازمة انسانية اذ نزح أكثر من 90 الف ايفواري معظمهم إلى ليبيريا البلد المجاور حسب مفوضية اللاجئين التابعة للامم المتحدة.