لا شكّ في أنّ التعامل مع البنوك الربوية بالفائدة محرَّم لورود النصوص الصريحة الظاهرة في تحريم الربا، منها قوله تعالى: {وأحَلّ الله البيعَ وحرَّم الرِّبا} وقوله: {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا الله وذروا ما بقي من الرِّبا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله}، وقد ثبت عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه لعَن آكل الرّبا ومؤكله وكاتبه وشاهديه، واللّعنة تعني الطرد من رحمة الله، ويستوي في ذلك آكل الرّبا والشّاهد الّذي لا حظّ له من الصفقة لأنّ في شهادته إقرارًا بالحرام وتعاونًا على الإثم والعدوان، والله عزّ وجلّ يقول: {ولا تعاونوا على الإثم والعُدوان}. إلاّ أنّ بعض العلماء أجاز أخذ قرض من البنك في حالة الضّرورة، والضّرورة تبيح المحظور كما تنصّ عليه القاعدة المستنبطة من قول الله عزّ وجلّ: {فمَن اضطُرَّ غيرَ باغٍ ولا عادٍ فلا إثمَ عليه}، وكذا قاعدة: ''المشقّة تجلب التّيسير''، وقاعدة: ''إذا ضاق الأمر اتّسَع''، فإذا كان هذا الشخص لا يملك أيّ مأوى ولا يجد سبيلاً للحصول عليه إلاّ عن طريق القرض الّذي يقدِّمه البنك، فنرجو أن يكون من المرخّص لهم في أخذِ ما يزيل الضّرر عنه من غير تعَدٍّ أو إسراف في ذلك لأنّ الضرورات تُقَدَّر بقدرها، فإذا زال الضرر وارتفع الضّيق والعسر اللّذين كان يعيشهما فلا يجوز له حينئذ الاستمرار في الاستفادة من تلك القروض الربوية عملاً بقاعدة: ''إذا اتّسع الأمر ضاق''، وإذا زال الضرر رجع الحظر.