إعلان باراك أوباما عن مقتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن، قبل 6 أشهر فقط عن موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية المبرمجة ليوم 7 نوفمبر 2012، سترمي من دون شك بظلالها على توجهات الرأي العام الأمريكي الانتخابية، كيف لا والمرشح رقم واحد للديمقراطيين قد نجح في عهده في القضاء على العدو رقم واحد للإدارة الأمريكية والعقل المدبر لاعتداءات 11 سبتمبر. كان يكفي أن يعلن الرئيس الأمريكي عن مقتل الرجل الأول في تنظيم القاعدة حتى ينتفض الشارع الأمريكي في واشنطنونيويورك ''فرحا''، وهو أمر يعكس مدى أهمية هذا الخبر بالنسبة للأمريكيين، الذين ضبطت عقارب ساعتهم منذ أحداث 11 سبتمبر 2001 على كراهية اسم أسامة بن لادن، وعلى تنظيم القاعدة. وكان كافيا أيضا أن يقتل بن لادن حتى ترتفع الأسهم في بورصة نيويورك، ويتراجع سعر النفط، ويسترجع الدولار الأمريكي قوته وعافيته، بعدما كاد أن يقفز عليه سعر الأورو بمرتين. لقد تراجع الحديث في أمريكا، بعد مقتل بن لادن، عن الأزمة الاقتصادية والركود الذي يعانيه الاقتصاد الأمريكي، المطالب باقتطاع 1500 مليار دولار من أجل إعادة التوازن للميزانية الأمريكية التي تعاني ديونا ضخمة. والأكيد أن الرئيس السابق جورج بوش الذي خاض الحرب ضد الإرهاب، أو حتى مرشح الجمهوريين المقبل، كان يتمنى لو أنه مكان الرئيس أوباما والمرشح لرئاسيات نوفمبر المقبل، ليعلن للأمريكيين نبأ مقتل أسامة بن لادن، بالنظر لما له من تأثير على الرأي العام والشارع الأمريكي خصوصا. وينظر لهذا ''الانتصار'' على أنه ثمرة جهود الرئيس باراك أوباما الذي نجح حيث فشل سابقوه في تحقيق النصر على القاعدة. ويكون هذا الاعتقاد وراء تأكيد أوباما، أمس، في خطابه بأنه بعد توليه منصب الرئاسة في 2009 طلب من مدير وكالة الاستخبارات ''جعل التعرف على مكان بن لادن أو قتله أولوية قصوى في حرب الولاياتالمتحدةالأمريكية ضد تنظيم القاعدة''، وفي ذلك تلميح من أوباما بأنه حقق الهدف المسطر وأنجز المهمة بنجاح. يأتي هذا بالرغم من أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية ارتبطت بأنها تحسم في العادة من خلال شنّ الرؤساء أو المرشحين لها حروبا ضد دول أخرى، كما كان الأمر في حرب الخليج الأولى لبوش الأب، أو الثانية لبوش الابن في العراق وأفغانستان، أو في الحرب الجارية حاليا على ليبيا بالنسبة للمرشح باراك أوباما. وبهذا، يكون أوباما في معركته لرئاسيات نوفمبر المقبل قد أرضى صقور البنتاغون بموافقته على شنّ الحرب على ليبيا ضد نظام القذافي، وهو ما يعود بالفائدة على تجار النفط والسلاح في المصانع الأمريكية، المعروفين بتمويل الحملات الانتخابية. ومن جهة ثانية، أشفى غليل المواطنين الأمريكيين الذين ينظرون إلى أن سقوط ورقة بن لادن إزاحة لكابوس استمر منذ .2001