إجراءات التطهير جاءت متأخرة بعد أن نهبت المافيا الأوعية العقارية اعترف أهل الاختصاص ممن شاركوا في اليوم الدراسي الذي نظم بمجلس الأمة، أمس، بشأن ''النزاعات العقارية في الجزائر''، بأن أزمة العقار ناجمة بالدرجة الأولى عن عدم تطهيره، بحيث أحصت مصالح الحفظ العقاري، التي قامت بإجراءات تحيين البطاقية الوطنية العقارية للأملاك محل سندات، 17298 حالة، تم تحيين 1523 حالة منها فقط. ويرتقب هؤلاء إتمام عملية المسح العام للأراضي في أقرب الآجال لأجل التطهير النهائي لجميع الوضعيات العقارية. وقال السيد بلقاسم بن جلول، مدير فرعي بالمديرية العامة للأملاك الوطنية، في محاضرته التي ألقاها تحت عنوان ''تطور وآثار نظام الملكية العقارية في الجزائر''، وعرج فيها على الوضعية العقارية خلال الحقبة الاستعمارية، أنه رغم المجهودات المبذولة لتأطير تسيير العقار بصفة عامة إلى غاية ,1987 فإن الأهداف المرجوة لم تتحقق كلية، بل نجم عن السياسات تلك نقائص عديدة حالت دون تحقيق أهداف التطور الاقتصادي من جانب خلق مناصب شغل، وتسوية مشاكل السكن، بل تم الاستحواذ على العقار من قبل المافيا للوصول إلى الريع على حساب المجموعة الوطنية. ومن بين النقائص المسجلة، عدم الحفاظ على مناطق التوسع السياحي، عدم تطهير الوضعية القانونية لهذه الأوعية العقارية، عدم التحكم في العقار الحضري، من جانب فقدان الدولة لحافظة هامة من وعائها العقاري دون أن تلبي حاجتها، كإنجاز سكنات لفائدة المواطنين. والأخطر من ذلك، يضيف المتحدث، أن الطرق التي كانت متبعة في تسيير العقار آنذاك أسفرت عن بروز عمليات مضاربة وتحقيق ريع على حساب المجموعة الوطنية. أما بخصوص مسح الأراضي كإجراء سنه المشرع الجزائري بعد 1989، فقال عنه إنه يعتبر القاعدة الأساسية للسياسة العقارية، مشيرا إلى أن مصالح مسح الأراضي تسعى عبر برنامج مسطر لإنهاء العملية في أفق سنة .2014 ويرى السيد عمار بوراوي، وهو قاض بالمحكمة العليا، في مداخلته بعنوان ''إشكالية الملكية العقارية في الجزائر، وفقا للتشريع وقضاء المحكمة العليا ومجلس الدولة''، أن أزمة العقار ناجمة عن عدم تطهيره والنزاعات ما تزال متواصلة منذ 1962 إلى غاية اليوم، ويؤكد على أن بعض النصوص القانونية والتنظيمية التي تحكم الملكية العقارية في الجزائر لا تعكس الحقيقة الواقعية للمجتمع الجزائري، على اعتبار أن الجهاز القضائي كانت له مواقف عديدة لمعالجة هذه النزاعات، وأكد بأن إجراءات تطهير العقار التي أقرها قانون المالية لسنة 2010، جاءت متأخرة ولاسيما بعد أعمال نهب الأراضي وعدم استغلالها تبعا للتصريحات التي قدمها أصحاب المشاريع الاستثمارية. أما ممثل الغرفة الوطنية للموثقين، فأشار إلى أنه منذ سنة 1975 إلى سنة 2011 لم نصل إلا إلى مسح 20 بالمائة من الأراضي.