عاشت مدينة مستغانم، نهار أمس، أوقاتا مرعبة بسبب حريق شب في حي ''التيفيس'' القصديري ومسيرات واحتجاجات مطالبة بالترحيل، ثم إغلاق الطرقات ومقر البلدية. شب حريق مهول، عند الساعة العاشرة والنصف من صباح أمس، بحي ''التيفيس'' القصديري، الواقع في تراب بلدية صيادة، والذي لا يبعد عن مقر الولاية سوى ب4 كيلومترات. وخلفت ألسنة اللهب في ظرف قصير جدا احتراق أكثر من 100 بيت قصديري مشيدة بالصفيح والأخشاب والبلاستيك. وانتشر رعب وهلع كبيران في أوساط النسوة والأطفال الذين كانوا وقت اندلاع النيران في حي ''التيفيس'' القصديري المتواجد بوادي الحدائق. والتهمت النيران كل ما كانت تحتويه تلك البيوت الهشة من أمتعة وأفرشه وأثاث وأجهزة كهرومنزلية، وتحولت في رمشة عين إلى أكوام من الرماد ينبعث منها دخان أسود كثيف، وتناثرت قارورات عاز البوتان في أرجاء الحي الفوضوي، وانفجر البعض منها في جو من الرعب. وأمام هذا المشهد المأساوي ارتفع صوت عويل النساء حيث كل واحدة راحت تندب حظها، بعد أن فقدت كل شيء، كما لم تتوقف إحداهن عن البكاء وضرب صدرها بحثا عن طفلها الذي لم يتعد سن العاشرة، والذي اختفى ساعة اندلاع الحريق ولم تعثر عليه بعد، كما علمنا من مسؤول الحماية المدنية أن الحريق خلف 5 مصابين بحروق من بينهم ثلاثة من رجال الحماية المدنية إصاباتهم ليست بالخطيرة. وتواصلت عملية إخماد ألسنة النار أكثر من ساعتين في ظروف صعبة نظرا لصعوبة المكان وكثافة بيوت الصفيح المتراصة ببعضها البعض، علما أن هذا الحي الفوضوي يتجاوز عدد الأكواخ فيه ,300 كما تعقدت مهام أعوان الحماية المدنية لكثرة أسلاك الكهرباء المتدلية والملقاة على الأرض. ووضعت مصالح الأمن طوقا حول الحي لتسهيل مهام الحماية المدنية وحماية المواطنين الذين يقيمون فيه، إلا أن ذلك لم يمنع قرابة 200 شاب، الذين احترقت أكواخهم وفقدوا كل ما يملكون، من تنظيم مسيرة في اتجاه مقر الولاية. ولما واجهتهم قوات الأمن، غيروا وجهتهم وقصدوا مبنى بلدية مستغانم، الواقع في وسط المدينة، واعتصموا أمامه، ومنعوا مستخدميها من العمل طيلة زوال أمس. ولحسن الحظ أن الحريق لم يحدث ليلا وإلا لكانت الكارثة، إذ لم يتم تسجيل ضحايا في الأرواح، حسب ما أكده السكان المنكوبون في عين المكان، في حين انتشرت إشاعة بسرعة البرق مفادها تفحم 4 أطفال صغار، وهو الخبر الذي تم تكذيبه من طرف المصالح الأمنية التي فتحت تحقيقا في أسباب الحريق، الذي يبدو أنه كان نتيجة حادث تسببت فيه طفلة صغيرة كانت تلعب بالنار، حسب شهادة بعض السكان المنكوبين. للعلم، قام سكان حي ''التيفيس'' بعدة مسيرات وبغلق الطريق المؤدي إلى المدينة مرات عديدة، ووعدهم الوالي منذ حوالي شهر بالأولوية في السكن حين تنتهي الأشغال الجارية في مشروع يقع بدائرة خير الدين. ومن جهة أخرى، خرج سكان حي البلاطو العتيق إلى الشارع، وحاولوا تنظيم مسيرة نحو مقر الولاية، إلا أنهم لم يتمكنوا من ذلك، ليقوموا بإغلاق طريق الميناء. وطالبوا والي مستغانم بتنفيذ وعده بترحيلهم، وهو الذي التزم بنقلهم إلى سكنات جديدة في 5 جويلية الماضي. وعانى المواطنون المقيمون في مدينة مستغانم، وأولئك الذين قصدوها لقضاء عطلتهم فيها، نهار أمس، متاعب كبيرة بسبب صعوبة التنقل والتموين بالمواد الغذائية.