حذّر الخبير الاقتصادي والمالي ببورصة لندن، السيد كمال بن كوسة، من غياب رؤية واضحة للجزائر في مجال تسيير وتوظيف احتياط صرفها بالخارج، مشيرا إلى أن التسيير الجامد سيؤدي إلى مخاطر عديدة على المستوى الاقتصادي على المديين المتوسط والبعيد، منها تحمل تبعات الأزمات واستيراد التضخم المتوقع في الدول الغربية. وأوضح بن كوسة في تصريح ل''الخبر'' أن التسيير الحالي للجزائر على المستوى المالي والاقتصادي يفتقر لرؤية واضحة ولإستراتيجية واضحة المعالم، وعليه فإننا نرهن الكثير من الفرص التي تتاح حاليا مع تراجع كبير في أصول وقيمة العديد من الشركات الدولية، التي سيتم فتح رأسمالها وستستفيد منها العديد من البلدان الصاعدة. وعن انعكاسات آخر إجراء خاص بتخفيض تقييم الديون الأمريكية من قبل ستاندار أند بورز، أشار الخبير المالي ''يمكن للإجراء أن يخفض قيمة صرف الدولار، بينما تؤدي عملية سحب الأموال إلى التضخم، وبالتالي فإن الجزائر ستستورد هذا التضخم على شكل مواد أولية ومصنعة ونصف مصنعة، كما تخسر في تراجع قيمة صرف الدولار''. مضيفا ''بالمقابل لا تستفيد الجزائر من ميزات المرحلة، خاصة فيما يتعلق بتراجع أصول العديد من الشركات ومؤشراتها في البورصات العالمية، نظرا للتسيير الجامد وغير الواضح لاحتياطها. واعتبر الخبير أن أول مشكل برز، مؤخرا، هو تحول الديون الخاصة إلى ديون سيادية على عاتق الدول، مستبعدا أي تأخر أمريكي في السداد، خاصة بالنسبة لسندات الخزينة ، التي تتمتع بطلب كبير عليها، إذ يخشى المستثمرون اللجوء إلى الأسهم التي تنهار حاليا. وشدد الخبير على أن ''ما يجب أن نتساءل عنه، هو هل من المعقول أن تلجأ الجزائر فقط إلى توظيف احتياطها على شكل سندات خزينة لمدة تتراوح ما بين 5 و10 سنوات، بنسبة فائدة لا تتعدى 5,2 بالمائة، في وقت تستعد الولاياتالمتحدة لأن تدفع للجميع تبعات أزمة ديونها، فالولاياتالمتحدة ستقوم بتبني خيار سحب مزيد من الكتلة النقدية، والعمل على خفض قيمة الدولار لتخفيض قيمة ديونها، بينما نلاحظ أن الجزائر وصانعي القرار بها بعيدون عن واقع الأحداث ومجرياتها، ويعتمدون فقط تسييرا جامدا للاحتياطي. في حين أن هنالك فرصا كثيرة متاحة، في وقت تنهار فيه مؤشرات البورصات الدولية وتنخفض قيمة أصول العديد من المجموعات الدولية الكبيرة، مضيفا سيقوم العديد من المستثمرين بشراء أصول الشركات التي تنخفض بصورة مزدوجة مع تراجع قيمة أصولها وانخفاض قيمة صرف الدولار، وبإمكان الجزائر استغلال الوضع لأخذ مساهمات في شركات كبيرة تستفيد منها في القطاعات التي تعتبرها حيوية للبلاد، وتستقطب استثماراتها، وتفتح فروعها في الجزائر، وتنشئ معها مناصب عمل، فالشركات التي تعاني حاليا من نقص السيولة ستعود للتوازن، في وقت تفقد الجزائر جزء من قيمة دولارها المتأتي من المحروقات في الاستيراد الصافي. وخلص الخبير إلى أن الأزمة الحالية سيتم حلها بصورة مشتركة بين الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة واليابان والصين لتفادي الانهيار الاقتصادي، وسيتم سحب المزيد من النقود مما سينتج عنه تضخما أكبر سيؤثر على الجزائر من ناحية زيادة أسعار العديد من المواد، ومن ناحية انخفاض قيمة صرف الدولار، وهي العملة المعيارية التي نفوتر بها صادراتنا.