فرنسا الرسمية أرسلت الفيلسوف المستشار هنري برنار ليفي لدعم المعارضة في ليبيا ولإسقاط القذافي الذي فضح ساركوزي في قضية تمويل حملته الانتخابية خلال الرئاسيات السابقة. وفرنسا غير الرسمية أرسلت أيضا الدبلوماسي المحنك، عدو ساركوزي، الوزير الأول السابق دومينيك دوفيلبان، إلى تونس للمشاركة في المفاوضات حول إيجاد مخرج للأزمة الليبية، ولم لا إيجاد مخرج للعقيد القذافي وعائلته. أما فرنسا ''الخفية'' فهناك من يعتقد بأنها تحالفت مع عناصر من تنظيم القاعدة لإسقاط نظام القذافي، ويشيرون إلى هوية العناصر الذين اقتحموا مدينة الزاوية قبل أيام. هذه هي إذن فرنسا التي تلعب على كل الحبال كي تحافظ على مصالحها في كل الأحوال سواء سقط القذافي أم بقي، سواء احترقت ليبيا بنار الفتنة الداخلية وقد بدأت ''تباشيرها'' بوصول المواجهات إلى العاصمة طرابلس أمس. لكن رغم هذه الحقيقة الساطعة حول الدور الفرنسي المشبوه في الملف الليبي، وحول حقيقة أن النفط الليبي هو المحرك الرئيسي لكل من برنار ليفي ودومينيك دوفيلبان، وليس فلسفة تحرير شعب من ديكتاتور، رغم ذلك هناك من يحلو له الحديث عن ثورة ليبية تحت راية الأعلام الفرنسية والأمريكية والبريطانية. صحيح أن القذافي يتحمل جزءا كبيرا من مسؤولية ما يجري الآن في ليبيا، ولكن الصحيح أيضا أن قادة المجلس الانتقالي، رفقاء القذافي بالأمس، يتحملون هم مسؤولية جلب الاحتلال إلى ليبيا. ولا يعلم إلا الله ظروف مقتل اللواء عبد الفتاح يونس وزير الداخلية في عهد القذافي والقائد العسكري للمعارضة فيما بعد. فقد تم تسريب معلومات عن لقاء عقده عبد الفتاح مع مسؤولين من حلف الناتو، وجرّ الحديث بعضه بعضا لحين أبلغ مسؤول غربي اللواء عبد الفتاح بأن تكلفة الحرب ضد القذافي وصلت سقف 1000 مليار دولار، وهنا انتفض عبد الفتاح وقال لمحدثه ''ماذا فعلتم حتى وصلت الفاتورة ألف مليار دولار؟''. طبعا ليس بالإمكان تصديق هذه الرواية أو تكذيبها، ولكن يمكن لأي عاقل أن يفهم بكل سهولة بأن الليبيين سيدفعون الثمن غاليا، من دمائهم ومن جيوبهم ومن أعمارهم، حتى يردوا ''جميل'' حلف الناتو، فقد وصل الجهل بالبعض أن وصف طائرات الناتو ب''الطير الأبابيل'' التي أرسلها الله لتحرير شعب ليبيا