{وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرهُ..} الآية. سيّدنا شعيب عليه السّلام ابن ميكيل بن يشجر بن مدين، أحد أولاد إبراهيم الخليل عليه أفضل الصّلاة والتّسليم، وأمّه بنت لوط عليه السّلام، وقد كانت بِعْثَتهُ بعد لوط وقبل رسالة موسى عليهما السّلام. كان أهل مدين قوماً عرباً يسكنون في بلاد الحجاز ممّا يلي جهة الشام قريباً من خليج العقبة من الجهة الشمالية منه، وكانوا أهل تجارة وزراعة، وأصحاب رفاهية ونعيم، وقد كانوا على دينهم الذي ورثوه عن إبراهيم، ولكنّه لم يطل بهم العهد حتّى غيّروا وبدّلوا وكفروا بالله. وقد بعث الله إليهم شعيباً عليه السّلام فدعاهم إلى توحيد الله وذكّرهم بعذابه، ونهاهم عن تطفيف المكيال والميزان، وأمرهم بالإصلاح وعدم الإفساد، فآمن به قليل وكذّبه الأكثرون، إلى غاية قعودهم على الطرق يرصدون المؤمنين ليصدوهم عن الدِّين، ويتوعّدون مَن اتّبعه بأنواع من التّهديد والوعيد. ومن شدّة حماقتهم، طلبوا إلى شعيب أن يسقط عليهم كِسَفاً (قطعاً) من السّماء، إن كان من الصّادقين، فأخذهم عذاب ''يوم الظُّلَّة'' بأن سلّط الله عليهم الحرّ سبعة أيّام حتّى غلب مياههم، ثمّ ساق إليهم غمامة فاجتمعوا تحتها للاستظلال فراراً من شِدّة الحرّ، فلمّا تكامل عددهم في ظلّها تزلزلت بهم الأرض، وجاءتهم الصّيحة وأمطرت عليهم السّماء ناراً فاحترقوا. بتصرف، من ''النبوة والأنبياء'' للصابوني