لا يزال الفرنسي المسلم عبد الملك بوسارد كلود يحتفظ بذكريات طيّبة وجميلة عن الجزائر الّتي يعتبرها موطنه الأصلي، لا لشيء سوى لأنّها كتبت له طريق الهداية إلى الإسلام سنة 1971م، حين كان معلّماً للفرنسية بمدينة عين البيضاء بأم البواقي، وهو حالياً مسلم على المذهب المالكي، ويقيم مع زوجته اللبنانية وابنته في قرية الضنية شمال لبنان . التقينا بمحض الصدفة بالحاج عبد الملك بالمسجد النّبويّ بالمدينة المنورة، أين لفت انتباهنا تلك القراءة الهادئة والمتأنية للقرآن الكريم لشخص ليس ذو ملامح عربية، وهو ما دفعنا للسؤال عنه بدافع الاستكشاف، ليكشف على أنّه من جنسية فرنسية، ويقيم حالياً بلبنان، إلاّ أنّ ملامحه تغيّرت حينما أخبرته أنّني قادم من الجزائر، أين فاجأنا بالقول إإنّها بلده الأصلي، لأنّه اعتنق فيها الإسلام، عن طريق واقعة رفض الكشف عنها، واعتبرها سرًّا من الأسرار الّتي تربطه بالله عزّ وجلّ . وقال الحاج عبد الملك إنّه اشتغل لسنوات في الجزائر، قبل أن يغادرها بعد إسلامه إلى المغرب، أين أكمل تعلّم المبادئ الأوّلية للدِّين الإسلامي، قبل أن يستقر به الحال في فرنسا كموظف للبريد، ثمّ قرّر مغادرتها إلى لبنان بعد زواجه، وهو يقيم حالياً بلبنان محتفظاً بمذهبه المالكي، وسط بيئة تدين لله على المذهب الحنفي، حيث أشار إلى أنّ إمام القرية يجتهد ليفتي له وفق المذهب المالكي . وأضاف الحاج عبد الملك أنه يحتفظ بذكريات جميلة عن الجزائر، حيث ذكرها بالقول: ''هي بلدي لأنّني أسلمتُ فيها، والجزائريون أهل شرف، ورأيت إسلاماً عجيباً قَلَّ نظيره في جميع الدول الّتي زُرتها''، حيث اعتبر أنّه لا يزال يحتفظ عن الجزائري بأنّه ذلك الشّخص الّذي يتشبّث بقوّة بعاداته وتقاليده وموروثه الديني، وهي الصورة الّتي لا تزال عالقة في ذهنه عمّا لمسه من سكان مدينة عين البيضاء . أفاد الحاج عبد الملك أنّه يملك مكتبة لفقهاء المذهب المالكي، ومنها كتاب رسالة ابن أبي زيد القيرواني الّتي يستلهم منها جانباً من الفقه المالكي في العبادات والمعاملات، مشيراً إلى أنّه قام برحلة شاقة في سبيل إدراك أحكام التّجويد الّتي تعلّمها في كراتشي بباكستان في أواخر الثمانينيات، وبعدها استقرّ به الحال لمدة 6 أشهر بتركيا . كما تعلّم بعض الأحكام على رواية حفص، معلّقاً أنّه أقام في المسجد طيلة هذه المدة، حيث كان ينام ويتلقّى الدروس من المشايخ . وأشار إلى أنّه يدرس أسبوعياً أحكام التّجويد في لبنان، رغم أنّه لا يحفظ من القرآن إلاّ آيات من البقرة وآل عمران، وسورة يس كاملة، وجميع السور من بداية البروج إلى غاية النّاس، وقال إنّ راحة كبيرة لا يستطيع وصفها يستشعرها وهو يتلو القرآن أو يسمعه . وذكر بأنّه يعيش حالياً على تقاعده من مصلحة البريد، وما تقدّمه السفارة الفرنسية من إعانات، والّتي ساعدته لزيارة البقاع المقدسة 3 مرّات، بحجة وعمرتين، مضيفاً أنّه جِدُّ سعيد مع زوجته اللبنانية وابنته الوحيدة، إلاّ أنّه ذكر أنّه لا يستطيع وصف شوقه لزيارة الجزائر، بلده الأصلي في الإسلام كما صرّح .