يرى فنان المالوف، ذيب العياشي، أن رمضان فرصة لجمع شمل العائلة وعودة الاهتمام بالتقاليد المتوارثة عبر الأجيال، بعد أشهر من الجفاء، وفرصة سانحة لتعرّف أبناء الجالية الجزائرية المقيمة بالخارج، والذين تزامن الشهر المبارك مع قدومهم إلى الجزائر لقضاء العطلة الصيفية، على عادات آبائهم وأجدادهم. يوميات يضبط الفنان ذيب العياشي عقارب المنبه للنهوض في الساعة منتصف النهار، فيقصد مسجد الهدى بجوار بيته في ''البوسيجور'' بعنابة، أو يترجل إلى مسجد العلاوية لأداء صلاة الظهر. يتوجه بعدها إلى السوق المغطاة أو ما يطلق عليه سوق ''فرنسيس''، كونه زبونا دائما، حيث يسمح له بشراء ما يريد حسب ذوقه، من خضر وفواكه ولحوم، غير أنه يتخلى في رمضان عن شراء الخبز مثلما هو معتاد؛ حيث يفضل أفراد العائلة أكل خبز الدار، أو الكسرة التي تحضرها الحاجة. ويعرّج العياشي في طريق عودته إلى المنزل على أحد الأكشاك لاقتناء الصحف ومطالعتها، ليقصد رفقة صديقين له ساحة ''الثورة'' لتجاذب أطراف الحديث، وتكون الوجهة بعد ذلك أقرب مسجد لأداء صلاة العصر، وأحيانا يتوجه ثلاثتهم بالسيارة إلى خارج المدينة. ويفضل الفنان قضاء ساعات قبل الإفطار في مداعبة الفيثارة، ليسترجع ذكريات الأيام الخوالي، يضيف ''في بعض الأحيان، أترك الموسيقى جانبا لمشاهدة التلفزيون، أو لتفقد الحاجة في المطبخ، خاصة عندما تكون بصدد إعداد المحلبي الذي أعشقه أكثر من غيره في التحلية''. على مائدة الإفطار ما أن يؤذن لموعد الإفطار، حتى يلتف شيخنا رفقة الحاجة وبناته الثلاث، المتزوجات في كل من عنابة، فرنسا وسويسرا، حول المائدة المزيّنة بأشهى أصناف المأكولات، بدءا من شوربة فريك بالنعناع، والبوراك العنابي المطهى في الفرن مصحوبا بالبيتزا. يقول الفنان إنه احتراما للحاجة لا يستهل أفراد العائلة الإفطار بالتمر؛ كونها مصابة بداء السكري، بل يفضل شرب كأس ماء في البداية، ويضيف أنه يأكل ما أعدته الحاجة دون سؤال؛ لأنها تعرف ما يحب أكله، وقد اعتاد على ذلك منذ 40 سنة زواج. هلاليات يلتف أفراد العائلة بمجرد الانتهاء من الإفطار في الصالون حول مائدة الشاي بالنعناع والحليب المعدة سلفا، وحلوى التفاح التي تعدها الحاجة، ويقول محدثنا إنها ذات نكهة خاصة. وبعدها، يتوجه الشيخ لأداء صلاة العشاء، ثم يلتقي رفاقه لارتشاف فنجان قهوة بساحة الثورة، يقول المتحدث ''هي عادة ليس باستطاعة أي كان جعلي أتخلى عنها، إلا عندما أكون في سفر''.