يقول الفضيل بن عياض وهو يعرض وضعاً شعورياً إيمانياً بديعاً: ''أدركتُ أقواماً يستحيون من الله في سواد هذا اللّيل من طول الهجعة، إنّما هو على الجنب فإذا تحرّك قال: ليس هذا لكِ، قومي خُذي حظّكِ من الآخرة''. فلا تنس -أخي المؤمن- أنّهم كانوا بذلك التعب يتلذّذون، وبالقيام يفرحون، وبعيون غير أعيننا إلى اللّيل ينظرون، فهو عندهم ''موطن تنتعش فيه الأرواح، وتبتهج وترتاح، وتتقلّب بين مسرّات وأفراح، وتكثر من المساءلة والإلحاح.. فهي قائمة بين يدي خالقها، عاكفة على مناجاة بارئها، تتنسّم من تلك النّفحات، وتقتبس من أنوار تلك القُربات، وما يَرِدُ عليها في تلك المقامات''.