لا يجوز لصحيح قادر على الحجّ أن يُوكِّل أحداً يحجّ عنه حجّة الفرض بأجرة أو بغير أجرة، والاستنابة فيه فاسدة مطلقاً، سواء كان المحجوج عنه مستطيعاً أم لا؟ والإجارة كذلك فيه فاسدة لأنّه عمل بدني لا يقبل النيابة، قياساً على الصّلاة والصّوم. وإذا لم تكن النيابة في فرض بل كانت في نفل أو في عمرة، كرهت النيابة، وصحّت الإجارة، وللمستنيب أجر الدعاء والنّفقة وحمل النائب على فعل الخير، قال الدردير: ''هذا هو الّذي اعتمده الشيخ خليل في التّوضيح وفي المختصر وضعّفه بعضهم'' وهو مصطفى الرماصي. ويُكرَه للمستطيع الّذي عليه حجّة الفرض، أن يبدأ بالحجّ عن غيره قبل أن يحجّ عن نفسه، بناء على أنّ الحجّ واجب على التّراخي، وإلاّ منع. كما يُكرَه -للإنسان ذكراً أو أنثى- إجارة نفسه لله تعالى حجًّا أو غيره، كقراءة القرآن وإمامة وتعليم عِلم. الحجّ بالدَّيْن والمال الحرام لا يجب الحجّ على أحد إذا استطاعه بالدَّيْن، ولو من ولده إذا لم يرج الوفاء أو يعطيه من هبة أو صدقة إذا لم يكن معتاداً لذلك، ويصحّ الحجّ بالمال الحرام مع العصيان. ومعنى صحّة حجِّه أنّه يسقط عنه الطلب، ولا يطالب بحجّة الفريضة مرّة أخرى، ولكنّه حجّ غير مقبول، إذ لا يلزم من صحّة العمل أن يكون مقبولاً، فإنّ الصحّة معناها أنّ العمل استوفى الشروط المطلوبة لأدائه والقبول يعني أنّ الله رضي عن العمل وقبِله وأثاب عليه، وذلك مشروط بالطاعة والتّقوى، قال تعالى: ''إنّما يتقبَّل اللهُ منَ المتّقين''. فالّذي يريد أن يكون حجّه مبروراً ودعاؤه مقبولاً عليه أن يطلب نفقة حجّه، ويطيب مطعمه ومشربه، قال تعالى ''وتزوّدوا فإنّ خير الزاد التّقوى''. وقال تعالى ''يا أيُّها الرسل كلوا من الطيّبات واعملوا صالحاً''. أركان الحجّ الركن هو ما لا بُدّ من فعله، ولا يجزئ عنه دم ولا غيره. وأركان الحجّ هي: الإحرام، الطواف، السعي والوقوف بعرفة.