مفاوضات ماراطونية بين بن بوزيد والنقابات والإضراب مستمر هدد عمال التربية بتصعيد الحركة الاحتجاجية في حالة خصم أيام الإضراب من رواتبهم، متمسكين بحقهم في الإضراب الذي يدخل يوم الأحد أسبوعه الثاني على التوالي، في ظل مفاوضات ماراطونية مع الوزير لعقد مفاوضات ''هدنة'' و''التزام''. تواصل إضراب نقابات التربية المستقلة، أمس في يومه الرابع على التوالي، حيث سجل فيه التحاق عدد أكبر من المدراء والمفتشين، بعد أن علموا بالتفاف زملائهم مع الحركة الاحتجاجية، واستعجل وزير التربية الوطنية بوبكر بن بوزيد لقاء ممثلي النقابات في حدود الثالثة من زوال أمس، حيث عقد معهم جلسة ''مفاوضات''، في الوقت الذي أبقت فيه النقابات على أشغال مجالسها الوطنية ومكاتبها الوطنية مفتوحة إلى غاية اليوم، لاتخاذ قرار وقف الإضراب أو مواصلته. واتسعت رقعة الاستجابة للإضراب وبلغت حدودا قياسية عبر الوطن، حسبما أعلنت عنه النقابات الثلاث المستقلة، حيث بلغت حدود 95 بالمائة في أدرار و96 بالمائة في سكيكدة و89 بالمائة في تيزي وزو، تبعا لما سجله الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين ''إينباف''. أما النقابة الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي ''سناباست'' فأكدت هي الأخرى استمرار الإضراب وشل المؤسسات التربوية كلها، حيث بلغت حدود 90 بالمائة، في حين أوضح المجلس الوطني لأساتذة الثانوي والتقني ''كناباست'' بأن نسبة الاستجابة بلغت حدود 91 بالمائة. واستنفرت النقابات المستقلة قواعدها، من أجل الاستمرار في التعبئة وإنجاح الإضراب الأعنف منذ سنتين، والذي ألقى بظلاله على الحدث الوطني، وشكل أرقا للأولياء والحكومة. وقال الأمين العام للاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين ''إينباف''، صادق دزيري، في تصريح ل''الخبر'' بأنه ''تم تسجيل استنكار أساتذة التعليم الأساسي الإجحاف الذي لحقهم في القانون 08/315 إذ حرمهم من الترقية لمنصبي مستشار التربية، ومدراء المتوسطات رغم أقدميتهم التي تفوق 15 سنة في المهنة، واعتبار سلكهم آيل للزوال، حيث التحقوا بالإضراب، وأشار إلى أن ''اليوم الرابع من الإضراب شهد تذمر الأساتذة المهندسين لتصنيفهم في السلم 10، وكذا عدم ترقية الحاصلين على شهادة الدراسات المعمقة''. وأضاف المتحدث بأن استمرار إضراب عمال القطاع، تبعه تزايد التحاق المفتشين ومدراء المؤسسات التربوية في مختلف الأطوار في اليوم الرابع، كما أن ''اتساع رقعة الإضراب كان سببه شعور جميع موظفي القطاع بالوضع المأساوي الذي يعيشونه''. وفيما يتعلق بمخاوف عمال القطاع من خصم أيام الإضراب من الراتب الشهري، قال صادق دزيري ''نحن نتمسك بحقنا بعدم خصم أيام الإضراب، على اعتبار أن الإضراب حق دستوري''. وأضاف ''لقد أضربنا وفقا للقانون 90/02 المتعلق بالنزاعات الجماعية وحق الإضراب، كما أننا متمسكون بضرورة تتويج التفاوض بمحضر مشترك تحدد فيه الوزارة أجندة زمنية''. من جهته، قال المكلف بالإعلام لنفس التنظيم مسعود عمراوي ''نحن لم نقتنع بما جاء في المفاوضات الأخيرة لأنها لم تأت بجديد، كما أن التفاوض مع الوزارة مفتوح في انتظار تجسيد ما يتم في المحضر من أجندة، ونصرّ على أن تصب المخلفات الخاصة بالمنح دفعة واحدة، وليس مع كل شهر، بتطبيقها لسياسة ''التقطير بالسيروم''، وهو ما سيشعل غضب الأساتذة أكثر إن تم''. مفاوضات مفتوحة وقرار مؤجل من جهته، أعلن رئيس المجلس الوطني لأساتذة الثانوي والتقني ''كناباست'' نوار العربي بأن ''اجتماع المجلس الوطني الذي عقد أول أمس، لا يزال مستمرا، حيث أبقي عليه مفتوحا في انتظار المستجدات''، وقال المتحدث الذي كان متوجها إلى مقر وزارة التربية الوطنية لعقد جلسة التفاوض ''الأخيرة''، بأن ''خصم أيام الإضراب من الراتب، قد يتم العمل به من طرف مديري التربية، وهذا ما نرفضه تماما، خصوصا وأن إضرابنا شرعي''. وأضاف بأن ''خصم الأجور يعني بالضرورة اتساع رقعة الاحتجاجات وتمسك عمال القطاع بإضرابهم المفتوح''. وأشار نوار العربي بأن ''المجلس الوطني سيدرس ما توصلت إليه المفاوضات اليوم (أمس) ليقر اليوم، استمرار الإضراب لأسبوع ثاني أو توقيفه''. أما المنسق الوطني للنقابة الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي، مزيان مريان، فأشار إلى أن ''المكتب الوطني للنقابة علق جلسته التي كان من المفروض أن تعقد اليوم (أمس) إلى يوم غد (اليوم) بعد استدعاء الوزارة للنقابات، من أجل توقيع محضر مفاوضات على لائحة المطالب، حيث سيتم دراسة ما توصل إليه الاجتماع وأخذ القرار النهائي. وأجمعت النقابات المستقلة على أن قلق أولياء التلاميذ على مصير أبنائهم ''طبيعي''، ولهذا ''نثمن تصريحات بعض الأولياء، الذين غيروا من لغتهم بخصوص مسك أبنائهم على أنهم ''رهائن'' وفتح الحوار مع الوزارة''. ولهذا فإذا ما حققت الأسرة التربوية عددا من مطالبها فنعود إلى مقاعد الدراسة وعوض ما فات من دروس. ومع هذا تبقى الكرة في مرمى وزارة التربية، التي بيدها حل المشاكل العالقة، وابتعادها عن سياسة الوعود وزعزعة الثقة مع النقابات الممثلة لعمال القطاع الذي يشرف على أزيد من 8 ملايين تلميذ. في اتفاق مبرم بين الوصاية ونقابات القطاع الزيادة الشهرية لعمال التربية دفعة واحدة بعد 18 شهرا حددت وزارة التربية الوطنية آخر أجل لتسديد قيمة الزيادة الشهرية الصافية في الأجر حسب الصنف والرتبة، بأثر رجعي ابتداء من الفاتح من جانفي 2008، بعد 18 شهرا من اليوم، كما تقرر تشكيل لجنة وزارية تعمل مع النقابات للإفراج عن تعديلات القانون الخاص قبل 30 نوفمبر. أمضت نقابات التربية مع الوزارة الوصية، مساء أمس، على وثيقة تخص ما تم التوصل إليه من نقاط، حيث استدعيت كل نقابة على حدا، وأمضت في محضر مكون من صفحتين تضمن مجموعة من القرارات، التي تدرسها النقابات المستقلة المضربة اليوم في مجالسها الوطنية. وتشير الوثيقة بحسب مصادر ''الخبر'' إلى أنه سيتم ''صرف الزيادة الخاصة بالنظام التعويضي في مدة لا تتعدى 18 شهرا، على أن تكون دفعة واحدة''، والتي سبق وأن حددت ما بين 4 آلاف و9 آلاف دينار بأثر رجعي بداية من الفاتح جانفي .2008 أما فيما يتعلق بمشاكل عمال التربية بالجنوب، وتحديدا ملف ''المنح''، أقرت الوزارة بأن ''الحكومة ستقوم بدراسة المشكل مع كل القطاعات المعنية بهذه المنح والبت فيها''. أما فيما يتعلق بالقانون الخاص، فسيتم تشكيل لجنة وزارية تعمل مع النقابات، على أن يتم اقتراح مجمل النقاط وتعديل النقائص في أجل أقصاه 30 نوفمبر الداخل. من جهة أخرى، تضمنت الوثيقة الممضاة ملف العطلة، والتي ستشكل لها لجنة وطنية تتكلف بهذه المشاكل، على أن يتم الكشف عنها بعد أن تنتهي العمل. في حين تراجعت وزارة التربية الوطنية عن خيار تمكين النقابات المستقلة من مراقبة تسيير أموال الخدمات الاجتماعية، حيث فضلت الإبقاء على عمل اللجنة الوطنية واللجان الولائية، وهو ما سبق وأن رفضته النقابات المضربة.