لم يغير تبني الحكومة السورية لمشروع الجامعة العربية لحل الأزمة من واقع الحال في شيء، إذ تواصل خط تصاعد الحركة الاحتجاجية في مختلف المدن السورية. وبموازاة ذلك تواصل ازدياد عدد ضحايا المواجهات، في مؤشر ينبؤ بأن الأمور لا تسير في اتجاه الحل، وإنما باتجاه المواجهة الشاملة بين النظام الحاكم ومعارضيه. وحسب ما تناقلته مختلف وكالات الأنباء العالمية عن ناشطين سوريين، فإن المواجهات المسجلة بمدينة حمص بين وحدات الجيش السوري والمنشقين عنه، قد أخذت منحنى أقل ما يقال عنه إنه غير مسبوق، وقد دامت هذه المواجهات قرابة أسبوع كامل، قبل أن تتمكن قوات الجيش، أمس، من اقتحام حي بابا عمرو، الذي يعتبر أهم موقع تحصنت به العناصر المنشقة. وكان من نتيجة هذه الأحداث أن انتشرت، حسب ما نقل عن المجلس الوطني للثورة السورية، جثث القتلى في شوارع المدينة، وعدم تمكن الأهالي من دفنها أو نقلها للمستشفيات، بسبب القصف المتبادل والاشتباكات المتواصلة. وفي هذا السياق جاء في بيان للمجلس المذكور أن ''المجلس الوطني السوري يعلن للرأي العام العربي والعالمي أن ''حمص مدينة منكوبة''. وطالب كلا من الأممالمتحدة والمنظمات الإنسانية التابعة لها ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية وكافة الهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان بتطبيق التشريعات الدولية الخاصة بتقديم العون الطبي والإغاثة، وتحرك المنظمات على المستوى الدولي ''لوقف المجزرة التي ينفذها النظام''. وطالب المجلس، كذلك، بتوفير الحماية الدولية المطلوبة للمدنيين، وتأمين انتقالهم بعيداً عن المناطق التي تتعرض للقصف والتدمير، ومساعدتهم في إيجاد ملاذ آمن، وإرسال مراقبين عرب ودوليين بصفة فورية إلى حمص ''للإشراف على مراقبة الوضع الميداني، ومنع النظام من الاستمرار بارتكاب مجازره الوحشية''. وبمدينة اللاذقية تكررت أجواء العنف المماثلة، التي اهتزت، حسب وكالة الأنباء الفرنسية نقلا عن ناشطين، على وقع أربعة انفجارات عنيفة ليلة الأحد إلى الاثنين. وأمام هذه التطورات أعلنت الجامعة العربية أن وزراء الخارجية العرب سيعقدون اجتماعا، السبت المقبل، لمناقشة العنف المستمر في سوريا. وجاء في البيان الذي أصدرته الأمانة العامة، أن الدعوة للاجتماع جاءت ''في ضوء استمرار أعمال العنف، وعدم قيام الحكومة السورية بتنفيذ التزاماتها التي وافقت عليها في خطة العمل العربية لحل الأزمة''. وحسب الملاحظين، فإنه لا يستبعد أن تعلق الجامعة في خطوتها القادمة عضوية سوريا، باعتبار ذلك البديل الوحيد أمامها. لكن مقابل هذا، ظهر الرئيس بشار الأسد بمدينة الرقة، التي أدى بها صلاة عيد الأضحى وهو مطمئن، حيث جزم أمام حشود من مواطنيه بأنه ''لا يوجد خيار أمامنا سوى أن ننتصر في أي معركة تستهدف سيادتنا وقرارنا الوطني''. وقال بشار إن ''وقوف الشعب السوري ضد الفتنة والإرهاب، والتدخل الخارجي، والتمسك بالمبادئ والمعتقدات القائمة على الحقوق المشروعة، هو أساس صمود سوريا في وجه ما يحاك ضدها من مؤامرات''. ونقلت وكالات أنباء أن سكان الرقة خرجوا رافضين لهذه الزيارة في وقت لاحق.