تراهن الحكومة الجزائرية على نتائج مسار ''إعادة تنظيم'' الجالية الوطنية في الخارج، من أجل إعادة بناء أساسات النفوذ التي فقدت خلال فترة العشرية السوداء، وتفيد مراجع حكومية بأن الوزير المنتدب المكلف بالجالية في الخارج حليم بن عطا الله، سيشرف من فرنسا في الأيام العشرة الأولى من شهر ديسمبر على ''تقييم'' برنامج هيكلة جمعيات مهنية ودينية واجتماعية في ليون، ولقاء ثان ''عملي'' في مونبوليي. وأفيد من مصادر بأن الوزير المنتدب المكلف بالجالية في الخارج حليم بن عطا الله، سيجتمع السبت القادم في ليون الفرنسية، مع مثلين للجمعيات المهنية للجزائريين، والجمعيات الدينية والاجتماعية ''بهدف وضع قاعدة عمل جهوية''، بعد أن عملت الجمعيات المعنية على إعداد برنامج المتابعة لأشهر ماضية، فيما سيشرف نفس الوزير على لقاء ثان في مونبوليي في العاشر من ديسمبر مع عشرات المهنيين، ويشارك فيه من الجزائر مسؤولو الاتصال بالجالية على مستوى سبعة قطاعات وزارية هي البيئة والصحة والصناعات الصغيرة والمتوسطة والطاقة والاتصالات والتعليم العالي. وتوضح المصادر أن هدف الوزارة من لقاء مونبوليي هو ''إنشاء شبكة ضمن كيان معروف ومنظم'' يمكن التخاطب معه بشكل رسمي. والواضح أن الحكومة انتقلت للمرحلة الثانية من مخطط كلفت به وزارة الجالية الوطنية في الخارج، بدأ بمرحلة استماع استغرقت أكثر من عام ونصف، انصب على فرنسا أساسا، ثم باقي بلدان أوروبا، وبعدها دول عربية ومغاربية، وتوسع لاحقا إلى كندا، ومع ذلك تبقى العلاقة بين الحكومة الرسمية والجاليات في الخارج هي الانتقادات التي ترافق العمل الإداري للقنصليات الجزائرية في الخارج، قياسا بشكاوى مستمرة من ''إغلاق المصالح الدبلوماسية لأبوابها أمام مشاكل الجالية''. وتتزامن الزيارتان المقبلتان مع جدل دائر في أوساط اليمين الفرنسي حول الجاليات والمهاجرين وقضايا ''الانتماء والمواطنة، كما تسبق زيارة مفاجئة يقوم بها وزير الداخلية الفرنسية غلود غيان للجزائر يوم الأحد القادم، وهي الزيارة التي تقول مصادر رفيعة عنها إنها ''جاءت بطلب فرنسي وليس من أي جهة جزائرية''. وتلحظ جهات حكومية تحولا في خطاب الجاليات الجزائرية، بخصوص الشق المرتبط بعلاقتها مع الدولة، ويقول مسؤول ل''الخبر'' إن ''الجالية الجزائرية كانت دائما تشتكي من عدم تقرب السفارات منها، وانسحب ذلك على رفض تدخل الدولة في مسائل نشاط المجتمع المدني الجزائري في الخارج''، لكن ''تغير بعض الظروف كشف للجالية الجزائرية أن نجاح باقي الجاليات في تنظيم نفسها كان بسبب دعم وتقرب من الدولة الأم''. ويبدو أن وراء اللقاءات المستمرة لوزير الجالية في الخارج، مع الجزائريين في عواصم أوروبية بالأساس، هو البحث عن ''مواقع نفوذ'' فقدتها الجزائر منذ حل ما كان يعرف ب''الودادية''، وتقول مصادر ل''الخبر'' بخصوص فرنسا، إن الجزائر رأت أن من أولوياتها ''إعادة تنظيم الفدراليات المحيطة بمسجد باريس كأولوية''، في حين ''لا ترى أي أولوية من السعي وراء العضوية في المجلس الأعلى للديانة الإسلامية، لسبب بسيط، وهو تخصيصه لمزدوجي الجنسية''، وقد عملت الجزائر على إعادة ترتيب بيت مسجد باريس من خلال عمل مشترك مع وزارة الشؤون الدينية ل''تجديد جمعية مسجد باريس لتحسين مصداقية هذه المؤسسة''، ثم جرى ''ربط فدراليات باقي العواصم الأوروبية بمسجد باريس''، ويوضح المصدر قائلا ''الوضع في تلك الفدراليات كان كارثيا وبعضها حل نفسه منذ فترة''.