كتب السحر القديمة مرجع الدجالين وراء صمت القبور ووحشتها تختفي أسرار أبطالها دجالون تجردوا من انسانيتهم ليعبثوا بأجساد من غادرونا إلى الحياة الآخر، ويتاجروا بأعضائهم مقابل ملايين الدينارات، في قصص فضحت الأقدار بعضها وانتهت في أروقة المحاكم، وأخرى لم تغادر أسوار المقابر. لم تسلم جثث الموتى من جشع وعبث أصحاب النفوس المريضة، حتى وهم يسكنون المقابر، ومرجعهم في ذلك كتب السحر والشعوذة القديمة التي تؤكد على المفعول القوي لأعضاء الموتى التي تستغل في أعمال السحر. مخ المرأة لأقوى مفعول في الشعوذة وتتداول الروايات أن ثمن جزء يسير من مخ امرأة يصل إلى أكثر من 200 مليون سنتيم، أما كبد الطفل الرضيع فيتعدى ثمنه 100 مليون سنتيم، ويتراوح ثمن يد الميت اليسرى بين 60 و80 مليون سنتيم، إنها أسعار وضعها مشعوذون لأعضاء الموتى التي تستغل في أعمال سحر وشعوذة، ويصل مفعول بعضها إلى الشلل والموت والخرس والعمى. وفي هذا السياق يقول الدكتور سنوي عبد الكريم، أستاذ جامعي وباحث في التاريخ القديم ومتخصص في الحضارات القديمة، ''تؤكد كتب شعوذة وسحر قديمة، وبعضها متداول إلى اليوم، إلى المفعول السحري للأعضاء البشرية، وحتى أعضاء الحيوانات. ويشير أحد أشهر الكتب في مجال السحر وهو ''رسالة في السحر وتسخير الجن''، المؤلف في عام 1140 هجرية لكاتب مغربي غير معروف، إلى المفعول السحري لمخ المرأة، وكبد الطفل الرضيع، ويد الميت اليسرى، ويفضل الكتاب أن تُؤخذ كبد الرضيع قبل موته''. ويؤكد محدثنا أن الكتاب ذكر أيضا قوة مفعول بعض الأعضاء الحيوانية في السحر، مواصلا: ''إن وضع بعضا من قلب الحمار في طعام أي شخص من قبل زوجته يحول الزوج إلى أداة في يد الزوجة. ومن يضع قلب الحمار في طعام أي شخص مع قراءة تميمة معينة يمكنه الحصول على أي شيء من الشخص الذي يأكل الطعام. ويمكن حسب الكتاب المخطوط فعل المعجزات بأذن حيوان الضبع ومخه''. المؤبد لمشعوذ من تمنراست استغل أعضاء رجل ميت إذا كانت أغلب قصص العبث بأجساد الموتى مجرد روايات يرددها الناس، فبعضها وجدت طريقها إلى أروقة المحاكم، على غرار قضية عالجتها محكمة تمنراست قبل أقل من سنة، بطلها مشعوذ أدين بالسجن المؤبد، بعد أن اتهمته محاضر التحقيق بالقتل العمدي، وبأنه استغل أعضاء رجل بالغ ميت في ممارسة الشعوذة. هذه القضية لم تكن الوحيدة التي عالجتها المحاكم، فأصحاب الجبة السوداء في ولاية تمنراست يتذكرون حادثة أبشع كان بطلها مشعوذ قبل عشريتين، وبالضبط سنة 1991، حيث أدانت محكمة جنح تمنراست متهما بالحبس بأربع سنوات فقط، في قضية الاعتداء على قبر رضيع حديث الوفاة. وتشير التحقيقات إلى أن المتهم نكّل بالجثة، حيث فتح بطن الجثة وانتزع أحشائها. سحر الخيمياء أخطر أنواع السحر ويؤكد رجال الدين أن السحر بالأعضاء البشرية من أقوى أنواع السحر التي يستعصي علاجها بالرقية الشرعية. وفي السياق يقول الإمام جمال بن حمدان، راق شرعي وإمام مسجد بغرداية، ''صادفت خلال ممارستي للرقية الشرعية حالات سحر استحال معها العلاج، رغم أن كل الأعراض البادية على الضحايا أكدت بأنهم مسحورين، وبعد البحث تبين بأن الأمر يتعلق بنوع من الشعوذة تسمى في الكتب القديمة ''سحر الخيمياء''، وهي استغلال المفعول الكيميائي لبعض المواد الموجودة في الطبيعة في الشعوذة، وهذا النوع من السحر هو الأخطر، لأن المسحور يتناول مواد من المستحيل إخراجها من بدنه. يواصل المتحدث ''في عام 2004 كنت أعالج شخصا مسحورا أصيب بأعراض الجنون في مدينة بشرق البلاد، ورغم أنني قضيت أكثر من 3 أسابيع مع أسرة المريض، فإنني عجزت عن علاجه، وقد عرض المريض على أساتذة جامعيين في طب الأعصاب ومختصين كبار في الطب النفسي، لكن الجميع اتفق على سلامة المريض''. وأضاف الإمام أن الشخص المسحور لم يكن يعاني من مس بالجن، وبعد البحث في الأعراض في كتب السحر واستجواب المريض وأسرته، تبين بأن المريض يكون، الأرجح، قد تناول عضوا من أعضاء حيوان بري تحفّظ عن ذكره. فأعضاء الحيوانات أيضا لها مفعول كبير في الأعمال السحري، وكل عضو من أعضاء الحيوانات يباع بسعر معين، على غرار الأعضاء البشرية. القوانين الجزائرية غير رادعة للعابثين بأجساد الموتى وذهب السيد ''ج. علي''، ضابط الشرطة القضائية متقاعد، إلى نفس ما ذهب اليه الإمام بن حمدان، موضحا: ''في عام 1998 حققت مع متهم من جنسية مغربية ضبط وهو يمارس الشعوذة في مدينة غرداية، أكد لي بأن الأعضاء البشرية وأعضاء الحيوانات مطلوبة من قبل السحرة، ذلك لأن مفعولها مضمون وشديد في السحر. وأكد لي المشعوذ المغربي على قوة مخ المرأة في أعمال السحر، بالإضافة إلى يد الميت اليسرى التي تستغل في فتل الكسكسي''. ويقول المحامي سعد محياوي ''في الماضي كانت تُنبش القبور بحثاً عن أسنان ذهبية أو تمائم دفنت مع الميت، ثم تطورت هذه اللصوصية فأصبح هناك تجار لسرقة أعضاء الموتى، خاصة الجماجم والهياكل العظمية، التي يقال بأنها تستغل في علاج مرض نييكروفيليا، أو في السحر والشعوذة''. ويرى المتحدث بأن أقصى عقوبة يتعرض لص المقابر في التشريع الجزائري هي 5 سنوات سجنا، وهي عقوبة غير رادعة حسب المتحدث، حيث نصت المادة 153 من قانون العقوبات ''كل من دنس أو شوه جثة، أو وقع منه عليها أي عمل من أعمال الوحشية أو الفحش، يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات، وبغرامة من 500 إلى 2000دج''.