بالإعلان عن موعد الانتخابات التشريعية قبل التحضير الجاد لها، يكون هذا النظام قد فضّل الانقلاب عليه والخروج عاريا إلى الشارع، وهو تحدّ ستكون عواقبه وخيمة عليه وعلى الجزائريين. ووراء هذا التحدي تم فقدان مصداقية كل ما يسمى الإصلاحات التي يتبجح بها بعض سدنة النظام، والتي أسكتوا بها الشارع لبعض الوقت، وأجلوا الضغوط الخارجية لبعض الوقت أيضا، غير أن ذلك مجرد لعب على الوقت. هذا اللعب في الحقيقة هو تتمة لأجندات أحزاب الائتلاف التي دافعت عنها بشراسة أمام البرلمان، خاصة أمام الأحزاب الجديدة التي تجد نفسها في ضائقة وقتية، وتعرف أن رأسمالها الحقيقي في هذا الوضع السياسي المقيت هو الوقت، وأنها لا تستطيع أن تساهم في التغيير المطلوب وهي تلعب في الوقت بدل الضائع. ها هي الحقيقة التي طالما كشفناها في كتاباتنا يماط عنها اللثام في آخر لحظة: هذا النظام لا تهمه الجزائر ولا الشعب الجزائري، وإنما تهمه مصلحته الضيقة فقط، مصلحة بقائه مهما كان الثمن!.. وهو بإخراج القوى الجديدة من الاستحقاقات القادمة يكون قد مدد مرة أخرى لبقائه على رأس الجزائريين رغم أنف الجميع. لا داعي إذن لحسابات معقدة معه، كان منطق المناورة واضحا منذ البداية، ومشروع المؤامرة على القوى الجديدة معدّ سلفا، وكان كعادته يلعب على الوقت وعلى العقول الساذجة، وهي العادة التي مارسها بسرية منذ ثورة أكتوبر .1988 بالمقابل، كيف يفكر رجال هذا النظام فينا؟ إذا كانوا أسوياء ويعرفوننا جيدا، لاشك أنهم يعرفون أن اللعب القديم انتهى، وأن الجزائريين يتطلعون لتجديد الطبقة السياسية برمتها، والدخول مباشرة في بناء مستقبلهم ومستقبل أبنائهم وقد تأخروا كثيرا في إنجازه، وبالطبع عامل الوقت هنا حاسم ولم يعد هناك مجال للعب. بهذا المنطق يبدو أن لعبة النظام خطرة، وهي تزداد خطورة يوما بعد يوم، وسينعكس هذا المنطق اللامنطقي على مستقبلنا جميعا، وبالتالي لم يبق لنا سوى أن نقول له: انتهى اللعب؟!