أصبح حارس المرمى الجيد في الجزائر عملة نادرة، وتراجع مستوى أصحاب القفّازات بشكل لافت للانتباه، ولم يعد المنتخب الوطني قادرا على ضمان حارس متميّز لفترة طويلة، في وقت كانت الأندية الجزائرية تعجّ بالأسماء اللاّمعة من الحرّاس على غرار عبروق وناصو ووشّان في الستينيات وبداية السبعينيات، وكاوة وآيت موهوب وسرباح في السبعينيات، ودريد وعمارة والهادي العربي وقادري وبوجلطي وعصماني في الثمانينيات، وحنيشاد ومزاير وحمناد وبوغرارة في التسعينيات، ثم فواوي في الألفية الجديدة، ما دفع بالاتحادية إلى خيار الحارس المغترب مبولحي لسدّ النقص الفادح في الكفاءة، وانعدام فرص الاختيار بين أفضل الحرّاس ما فتح المجال إلى البحث عن أقل الحرّاس ضعفا. بن عبد الله عبد السلام ''نقص الإمكانيات وعدم وجود الأخصائيين وراء التراجع '' كشف الحارس الدولي بن عبد الله عبد السلام، الذي حمل ألوان المنتخب الجزائري في سنوات التسعينيات، أن سبب تراجع مستوى حراس المرمى في البطولة الجزائرية، يعود بالدرجة الأولى لنقص الإمكانيات الخاصة بتحضير الحراس في الحصص التدريبية. وقال بن عبد الله في تصريح ل''الخبر'' أمس.. ''السبب الرئيسي الذي جعل مستوى حراسنا يتراجع بعد أن كان يضرب به المثل في السنوات الماضية، يعود لنقص أو انعدام الوسائل البيداغوجية اللازمة خلال التدريبات، حيث يضطر مدرب حراس المرمى للاعتماد على وسائل لا تساعد على تطوير مستوى الحراس، بالنظر إلى نقص الإمكانيات اللازمة من أجل تحضير حارس المرمى من كل الجوانب، حيث كنت أضطر إلى جلب وسائلي الخاصة عندما كنت أشرف على تدريب الحراس، بسبب انعدامها في الأندية التي عملت بها، وهو ما ينطبق على جل الأندية الجزائرية في البطولة الوطنية''. وقال الحارس السابق لمولودية وهران حول هذه المشكلة ''حتى أعطيكم الدليل بأن نقص الإمكانيات والوسائل اللازمة لتحضير حراس المرمى وراء تراجع مستواهم، أؤكد لكم أنه خلال تجربتي في المغرب عندما كنت أحمل ألوان الوداد البيضاوي، عدت بقوة في المنافسة، واستدعيت للمنتخب الوطني رغم أن سني كان يتجاوز 36 سنة، بالنظر إلى العمل الكبير الذي كنت أخضع له بتوفر الوسائل اللازمة للتحضير وهو ما لا نجده في الجزائر''. وأضاف يقول بن عبد الله ''من بين العوامل الأخرى التي لم تساعد حراسنا على تطوير مستواهم، هو التخلي عن أهل الاختصاص، فكل من هبّ ودبّ أصبح يدرب حراس المرمى، في الوقت الذي كان من الواجب أن تسند المهمة لمن يستحقها ولمن له التجربة والخبرة، ودرس وتكون من أجل تحضير حراس المرمى، التي تكون مبنية على أسس متينة، فرغم أن مبولحي ليس حارسا كبيرا، إلا أن تحضيراته مبنية على أسس متينة، ما جعله يكون في المستوى ويكون الحارس الأول للمنتخب الوطني، أمام تراجع رهيب لحراس البطولة المحلية للأسباب المذكورة''. عنتر عصماني ''مدربو الحراس يتقاضون أجورا زهيدة'' أكد الحارس ''التاريخي'' لوفاق سطيف، عنتر عصماني، أن السبب الوحيد وراء تراجع مستوى الحراس الجزائريين في السنوات الأخيرة هو غياب التكوين، ودليله في ذلك أن جميع فرق البطولة لا تمتلك مدربين لحراس المرمى في الفئات الصغرى. وأضاف عصماني ''على المديرية الفنية لكرة القدم تنظيم على الأقل ثلاثة ملتقيات في السنة الواحدة لمواكبة المدربين الجزائريين لآخر التقنيات المتطورة في مجال التدريب الخاص بالحراس المرمى''. وبخصوص استفساره إن كان الشبان الآن يفضلون عدم اختيار منصب حراسة المرمى، فإن الفائز بكأس إفريقيا للأمم مع المنتخب الوطني لم يوافق على هذا الطرح، وسببه في ذلك أن حراس المرمى باتت منحهم لا تقل عن مليار سنتيم، وبفارق كبير عن باقي اللاعبين، مؤكدا أيضا على أن مدربي الحراس وضعيتهم المادية غير مريحة لأن مسؤولي الفرق يخصصون لهم أجرة شهرية ضعيفة جدا، وقال أيضا ''ومن أسباب تراجع مستوى الحراس هو تهميش الكفاءات الوطنية من قبل جميع المسؤولين، وأنا لا أتحدث عن نفسي لأني منسي تماما وليس على الهامش''. خير الدين كديم ''عدد كبير من حراسنا تنقصهم التجربة والنضج'' صنف مدرب الحراس، خير الدين كديم، الحراس الذين يحرسون مرمى الأندية في الرابطة المحترفة الأولى في خانتين، وتضم الخانة الأولى حراسا وصف مستواهم بالمتوسط، والثانية تضم حراسا قال عن مستواهم إنه مقبول. ويقول الحارس السابق لاتحاد الحراش، عن حراس الخانة الأولى، إن هؤلاء يرتكبون أخطاء غير مقبولة، ولا يمنحون الثقة للمدافعين، وقد خص بالذكر حارسي مولودية وهران ووفاق سطيف. وفي تقديره، فإن حراس هذا المستوى يبقون بحاجة إلى المزيد من العمل وأيضا إلى مستوى عال من النضج لصقل مواهبهم. أما في تعليقه على مستوى الحراس الذين وصف مستواهم بالمقبول، وخص بالذكر حارس شباب بلوزداد، أوسرير، وحارس مرمى مولودية الجزائر، شاوشي، وحارس مرمى شبيبة القبائل، عسلة، وحارس اتحاد الجزائر، زماموش.. هؤلاء، يضيف الحارس الدولي سابقا، يمنحون الثقة للمدافعين، مما يجعل مساهمتهم في قوة الفريق تبلغ نسبة كبيرة، وقد لاحظ، كديم أن هؤلاء يدخلون إلى الميدان وهم واثقين من أنفسهم حتى وإن كانوا يعلمون أنه من الممكن أن يتلقوا أهدافا، خلافا لحراس الخانة الأولى، وقال المتحدث إنه إذا شارك الحراس في المقابلات وهم متخوفين من تلقي الأهداف، فإن مردودهم سيكون أقل من مستواهم الحقيقي. وذكر كديم بالهدف الذي تلقاه حارس اتحاد الحراش، دوخة، أمام شباب بلوزداد عندما خرج من خط المرمى لتسلم الكرة قبل قيام لاعب فريق الخصم بالفتحة في اتجاه زملائه بمنطقة العمليات. وفي تقديره، فإن أفضل الحراس هم الحراس الذين يقومون بقراءة صحيحة لاتجاه الكرة بعد قذفها وليس قبلها في ظرف قصير. عميد حراس المرمى مروان كيال ل''الخبر'' ''تراجع مستوى الحراس يعود لنقص العمل الجاد'' تحدث حارس فريق مولودية سعيدة، مروان كيال، عميد حراس المرمى الناشطين في البطولة الوطنية حاليا عن الأسباب الحقيقية في تراجع مستوى مختلف حراس الفريق الجزائرية والتي أرجعها في حوار خص به ''الخبر'' أمس، إلى العمل الجدي في التحضيرات كيف ترى مستوى حراس البطولة الجزائرية في المواسم الأخيرة؟ - مستوى حراس الفرق الجزائرية خلال البطولة المحلية تراجع بنسبة كبيرة في المواسم الماضية، مقارنة بحراس المرمى القدامى الذين كان مستواهم جيدا جدا. في نظرك ما هي أسباب هذا التراجع؟ - في حقيقة الأمر يمكن إرجاع الأسباب الحقيقية الكامنة وراء ذلك إلى نقص العمل والاجتهاد والتحضير من طرف مختلف الحراس، وكذلك نقص الإمكانيات المتاحة لهؤلاء الحراس من أجل رفع وتطوير مستواهم الفني والبدني في الحصص التدريبية. ألا ترى أن بعض الحراس يبحثون عن كسب الأموال فقط؟ - نعم هذا العامل كثيرا ما أثر على تطور مستوى حراس المرمى في الجزائر، حيث تجدهم يلهثون وراء ذلك دون بالاجتهاد والعمل فوق أرضية الميدان، عكس ما كان عليه الحراس القدامى، الذين كانوا يضعون نصب أعينهم تطوير مستواهم وإعطاء الإضافة اللازمة لفرقهم. من هم الحراس المفضلون لديك في البطولة الجزائرية؟ - هناك ثلاثة حراس أو أربعة مستواهم متقارب ومقبول مثل زماموش وأوسرير وشاوشي الذي بدا يعود مع فريقه الحالي مولودية الجزائر إلى مستواه الحقيقي تدريجيا. ما هو رأيك في حارس المنتخب الوطني مبولحي؟ - الحارس مبولحي هو حارس مرمى جيد تمكن من تطوير مستواه بالنظر للإمكانيات المادية والفنية التي تمتلكها الأندية الأوروبية. والمنتخب الوطني يلجأ لمثل هذه الكفاءات بالنظر لتراجع مستوى حراسنا المحليين. ما هي الرسالة التي توجهها لحراس مرمى البطولة الجزائرية، باعتبارك العميد؟ - أريد أن أقول لهم بأنهم ملزمون بالاجتهاد والعمل أكثر في التدريبات والانضباط داخل أنديتكم وخارجها من أجل تطوير وتحسين مستوى الحراس في مختلف الأندية التي ينشطون فيها وتشريف الكرة الجزائرية. نصر الدين دريد ''حراسنا يفتقدون للرغبة في العمل والمثابرة'' اعتبر الحارس الدولي سابقا نصر الدين دريد، أن افتقاد البطولة الوطنية لحراس مرمى في المستوى، راجع إلى نقص العمل الجاد لدى الحراس، ''على عكس السنوات الماضية، أين كان لكل فريق حارسين أو حتى ثلاثة حراس في نفس المستوى. وقال دريد في تصريح ل''الخبر'' أن الحراس القدماء كانت لديهم إرادة ورغبة في العمل، حتى بعد نهاية الحصة التدريبية، عكس الوقت الحالي، أين أصبح الحارس يكتفي بالعمل مع المجموعة ولا يحاول مواصلة عمله بمفرده، لأن الإرادة والرغبة في تطوير المستوى غائبة''. وفي هذا السياق، أضاف دريد ''أتذكر أنني في السابق كنت أعتمد على نفسي في التدريبات، حيث كنت أعمل في بعض المرات لثلاث ساعات في اليوم، حتى أحسن مستواي الفني والبدني، رغم أننا لم نكن نملك مدربين على أعلى مستوى، لكن وجود حراس في المستوى والمنافسة التي كانت موجودة، جعلت الفرق تملك ثلاثة حراس في كل فريق، والمثال على ذلك ما كان يحدث في مولودية وهران، حيث كنت إلى جانب بن عبد الله عبد السلام وآيت زقاش، نتنافس من أجل منصب أساسي، عكس الظرف الحالي، أين ترى حارسا تنقل الاستجمام وسط المنافسة لمدة 10 أيام، ثم يعود ليلعب كأساسي دون أي مشكلة، زيادة على أنه لا يوجد مدربون يملكون شهادات عليا في هذا الاختصاص. وما زاد الطين بلة حسب دريد، أن الرؤساء أصبحوا يتجنبون انتداب حارسين على الأقل في نفس المستوى، وهو ما لم يكن موجودا في السابق، لأن تكوين الحارس على أعلى مستوى يتطلب منافسة شرسة''. اليامين بوغرارة ''غياب العمل القاعدي هو السبب '' قال الحارس سابقا للمنتخب الوطني اليامين بوغرارة في تصريح ل''الخبر'' إن سبب عدم بروز حراس مرمى في المستوى العالي مع السنوات الأخيرة يعود إلى غياب العمل القاعدي في الأصناف الصغرى، ودليله في ذلك أن مدربي الحراس في الفرق الوطنية تجدهم سوى مع أصناف الأكابر من دون باقي الفئات الشبانية. المدرب السابق لجمعية الخروب أشار إلى أن الأطفال الصغار في الوقت الحالي عندما ينضمون إلى المدارس الكروية لا يختارون اللعب في منصب حراسة المرمى لأنهم يحبون تقليد اللاعبين العالميين على غرار الأرجنتيني ميسي والبرتغالي رونالدو، مضيفا في الوقت نفسه أنه بات على المسؤولين على الرياضة في بلادنا إنشاء مدارس خاصة لتكوين حراس المرمى مع ضمان تربصات لمدربي الحراس من خلال جلب خبراء عالميين يساهمون في تطوير الكفاءة الوطنية. وعن الظروف التي يعيشها مدربو الحراس في الفرق الوطنية حاليا، فإن بوغرارة أكد أن الأجرة الشهرية التي ينالونها ضعيفة جدا لأن المسؤولين على الفرق لا يعطون أي أهمية لهذا المنصب، وقال بالحرف الواحد ''دور مدرب الحراس في الطواقم الفنية شكلي أكثر منه عملي لأنه لا تتم مشاورته في كثير من الأمور الفنية''. مراد عمارة ''غياب التكوين أصل الإشكال'' أرجع الحارس الدولي سابقا، مراد عمارة سبب تراجع مستوى حراس المرمى في البطولة الوطنية إلى غياب سياسة التكوين في الأندية، حيث أصبح رؤساء الفرق، حسبه، لا يبالون بتكوين الفئات الشبانية رغم بروز حراس ذوي كفاءات معتبرة في الفئات الصغرى لكن سرعان ما يتم إهمالهم ويتسابقون من أجل انتداب لاعبين من مختلف الجهات، ما يعرض هؤلاء الحراس للنسيان والتهميش. وقال عمارة بأن مشكل حراس المرمى ظهر في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، حيث من تلك الفترة أصبح المنتخب الوطني يفتقر لحارس مرمى كبير. وقد دعا عمارة القائمين على كرة القدم الجزائرية إلى الاهتمام بتكوين الحراس وتجنيد مدربين يتمتعون بكفاءات عالية في تدريب الحراس، كما اعتقد بأنه يجب على الأندية إعطاء الفرصة اللازمة للحراس من خلال ضمها لأربعة أو خمسة حراس في صفوفها، ليستفيدوا من التكوين وإبراز قدراتهم الفنية والبدنية.