تعوّدت الأذن الوهرانية منذ الاستقلال، على سماع عبارة ''صوالح للبيع'' التي تطلقها أصوات شباب وكهول يعملون في تجارة بيع الأشياء القديمة، كل صباح مع موعد الذهاب للعمل أو الدراسة، حتى أن البعض ينزعج منها لأنها تشنج مسامعه أو توقظه من النوم حين يكون في حاجة ملحة إليه. ما يُميز تجّار الأشياء القديمة (أو الخردوات) بوهران رغم إزعاجهم للمواطنين صباحا، الطريقة الشعرية التي يطلقون بها العبارات التي تدل على تواجدهم بالحي بصوت مرتفع حتى يخرج إليهم الناس ويعرضون عليهم ما يريدون التخلص منه من عتاد منزلي كقولهم مثلا ''أيَّا صوالح البيع، صبابيط، قرع، شيفون، حديد''، وهذا ما يستهوي الأطفال الصغار الذين يرددون ما يسمعون دون توقف. وبالنسبة لهذه المهنة التي تعتبر شاقة، فإن أصحابها معروفون بوهران عند البعض باسم ''الدلاّلة'' وهي كلمة اتصلت أيضا ببائعي الذهب المستعمل في بعض ولايات غرب البلاد كون العامل المشترك بينهما هو المتاجرة في شيء قديم سبق استعماله، أو باسم ''صوالح البيع أي للبيع''، وهو الشائع عند كافة الناس بوهران، حتى أن شخصا ما ذكرا كان أم أنثى حين يناديه يقول له ''يا مول صوالح البيع''. ويتجوّل ممارسو هذه الحرفة عبر البلديات والأحياء بواسطة سيارات نفعية تكون في غالب الأحيان من نوع ''داسيا باشي'' أو بعربات ''كارّو'' وأحيانا بعربات يدوية بالنسبة لمن يبحث عن شراء أشياء خفيفة الوزن، كأجهزة التهوية، الهواتف وأجهزة الراديو وغيرهم مما يسهل حمله. وما يستهوي أصحاب ''صوالح البيع'' أكثر حسب شلة منهم هي المواد الخشبية، مثل غرف النوم ولواحقها وأبواب الشقق. وبعدها الثلاجات وأجهزة التلفزيون ومختلف الأجهزة الكهرومنزلية، غير أن الغريب في الأمر أنهم يعرضون على زبائنهم أسعارا بخسة بعد التقليل من شأن بضاعتهم القديمة لأنهم يعلمون مسبقا أن من يرغب في البيع يريد التخلص مما يعرض. وعن كيفية التسويق، أوضح أحد الممارسين لهذا النشاط الفوضوي كونه لا يستند لأي قانون تجاري، أنه يعيد بيع الأشياء التي اقتناها إلى أشخاص يعيدون ترميمها و''تحفها'' وهم بدورهم يبيعونها لمن يرغب في شراء شيء قديم ومقبول يكون ثمنه مناسبا لإمكانياته المادية. منوّها إلى أن مختصين يأتون من ولايات الشرق الجزائري لشراء بضاعتهم. وأحيانا يسوّق بمفرده مشتريات إذا كان الطلب عليها مسبقا من أشخاص يعرفهم. وما تجدر الإشارة إليه، أن أصحاب ''صوالح للبيع'' يساعدون العائلات على التخلص من أشيائها القديمة بعدما تستبدلها بما هو جديد، لذلك تجد النساء اللواتي يردن بيع قديمهم من الأثاث يترقبن عبر الشرفات قدومهم كي يعرضن عليهم ما يرغبن في التخلي عنه.