البليدة..معركة أهل الوادي انتصار على ترسانة العدو الضخمة    الجزائر العاصمة : حملات تحسيسية حول سوء استعمال الغاز الطبيعي    حيداوي يؤكد وجود إرادة سياسية صادقة لجعل الشباب "مرتكزا أساسيا" في التنمية الوطنية    ملتقى دولي حول الذكاء الاصطناعي بالشلف, ضرورة الاستثمار وخلق مؤسسات ناشئة في هذا المجال    تواصل الأمطار الرعدية بعدة ولايات من البلاد إلى غاية مساء الإثنين    طاقات متجددة: إطلاق مشروع "طاقاتي+" بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي وألمانيا    بوغالي يستقبل رئيس الفريق البرلماني لمجموعة الصداقة الجزائرية-الموريتانية    الرئيس يدعو إلى تجنّد الجميع    افتتاح جناح الجزائر بمعرض أوساكا كانساي باليابان    الجزائر اعتمدت مقاربة شاملة لمواجهة ظاهرة تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر    مجلس الأمن يعقد اجتماعا مغلقا اليوم    هكذا حوّل الصهاينة مستشفى المعمداني إلى ركام!    إعادة ترتيب العالم أم تعميق لركوده وأزماته؟    الانتخابات الرئاسية بالإكوادور: فوز الرئيس دانييل نوبوا في الدور الثاني    رابطة العالم الإسلامي تدين قصف الاحتلال الصهيوني المستشفى المعمداني بغزة    احتجاج جزائري شديد على فرنسا    علاقات الجزائر بإثيوبيا قوية ونموذجية    وزارة التربية تُحذّر..    ظاهرة الكهول العزّاب تتفشّى في الجزائر    سطيف: عروض عديدة في انطلاق الطبعة الثالثة للأيام الدولية لألعاب الخفة    ما هو العذاب الهون؟    فرنسا : تنديدات شديدة بالاعتداءات المغربية على "مسيرة الحرية" المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين الصحراويين    افتتاح جناح الجزائر بالمعرض العالمي "أوساكا-كانساي 2025" باليابان    في مضمونها وأهدافها هي في الحقيقة علاقات استراتيجية بامتياز"    في اجتماع مغلق حول قضية الصحراء الغربية    ينبغي الحفاظ على "الصورة المشرفة" للبعثة الطبية الجزائرية    مولى: 82% من مناصب الشغل الجديدة بالقطاع الخاص    اتفاقية تعاون وشراكة في التعليم العالي والبحث العلمي    سفير الجزائر بمصر يطمئن على صحة اللاعب أحمد قندوسي بعد تعرضه لإصابة    بسكرة : انطلاق فعاليات المهرجان الثقافي الدولي للشعر العربي الكلاسيكي    تراجع في أسعار السردين بسكيكدة    الكسكسي.. جزائري الأصل ب 300 صنف    الفواكه البرية خطر على الصحة    شباب يتطلعون للجمال الأنثوي    رئيس الجمهورية: الجزائر تتطلع الى الصدارة الاقتصادية قاريا    غياب قندوسي لفترة طويلة يخلط أوراق بيتكوفيتش    تكريم وجوه فنية بارزة    الدورة الثامنة من 26 إلى 30 ماي    انتعاش الدراما الأمازيغية في 2025    البيض: الطريقة الشيخية الشاذلية تأكد دعمها المطلق للموقف الرسمي للسلطات العليا للبلاد    هكذا ساهم منتخب "الأفلان" في استقلال الجزائر    تتويج أولاد الباهية (ذكور) ومولودية الجزائر (إناث) والتنظيم ينال الامتياز    المجلس الشعبي الوطني: مدير ديوان الحج والعمرة يستعرض آخر تحضيرات موسم الحج 1446ه    افتتاح فعاليات الطبعة الأولى لأيام "سيرتا للفيلم القصير" بمسرح قسنطينة الجهوي    وزارة الفلاحة تعرض المخطط الأولي لتسيير عملية أضاحي العيد    البطولة الوطنية للجيدو أواسط بوهران: تتويج ناديي أولاد الباهية ذكور ومولودية الجزائرإناث    على الجميع الانخراط في مسعى وطني بهدف حماية مجتمعنا    يحي سعد الدين نايلي مديراً عاماً جديداً لصيدال    إشراق شعيب تهزم البطلة الهندية بوجا بال    عربٌ.. ولكنهم إلى الاحتلال أقرب!    الكاف تراسل المولودية    الوفاق يتقدّم..    11 موقعاً جزائرياً.. نحو العالمية    مجمع صيدال: تعيين السيد يحي سعد الدين نايلي مديرا عاما جديدا    السهر على توفير كل التخصصات الطبية بالمصالح الطبية الإستشفائة    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    الحضارات الإنسانية لا تعادي الثقافات النبيلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجلوس في مقهى ''لي دو ماغو''
مرايا
نشر في الخبر يوم 02 - 02 - 2012

فكرت في مقهى ''لي دو ماغو'' بمجرد أن وطأت قدماي باريس الأسبوع الفارط. نزلت في محطة ''فار دو ليون''، قادما من مارسيليا، التي بقيت بها ثلاثة أيام، وتركتها دون أسف، فهي مدينة عادية، لم أشعر فيها بأي جذب.
لم تستغرق رحلتي من مارسيليا إلى باريس، بواسطة القطار السريع، سوى ثلاث ساعات. قرأت خلالها رواية ''سبوتنيك الحبيبة'' للياباني هاروكي موراكامي. لم أجدها في مستوى رواية ''كافكا على الشاطئ''، أو ''الغابة النرويجية''. ومن ''فار دو ليون''، أخذت الميترو إلى شاتلييه، ومنه توجهت سيرا على الأقدام إلى ''سان جيرمان دي بري''، حيث يوجد ''لي دو ماغو''، مقهى الأدباء والمثقفين في باريس، والذي يعتبر مؤسسة ثقافية حقيقة. فقد سجل حضوره عبر الزمن في الحياة الثقافية الباريسية، منذ أن كان يجلس به كل من بول فيرلين، وآرثر رامبو. وللمقهى جائزة أدبية تدعى ''جائزة لي دو ماغو''، تأسست سنة ,1933 وقيمتها ثلاثين ألف أورو، لكن وسائل الإعلام الفرنسية لا تأبه بها كثيرا نظرا لتوجهها اليساري.
أرنست همنغواي هو من غرس في مخيلتي، وأنا في ريعان الشباب، ذلك العشق لمقهى ''لي دو ماغو'' وسان جيرمان دي بري. كثير من أعماله تدور حول هذين المكانين، بالأخص رواية ''الشمس أيضا تشرق''، ويومياته الباريسية التي ترجمت إلى العربية بعنوان ''الوليمة المتنقلة''.
تجاوزت الساعة الحادية عشرة ليلا لما دخلت ''لي دو ماغو'' من الباب المقابل لمقهى ''فلور''، جلست في نفس طاولة ''الأكاجو''، التي كان يجلس إليها الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس، والتي تحمل اسمه مكتوبا تحت صورته. كان بورخيس كثير التردد على هذا المكان، فيه كان يلتقي بالأدباء الفرنسيين. وليس بعيدا عن بورخيس توجد طاولة الشاعر غيوم أبولينار، الذي كتب كثيرا من قصائده هنا. في الجهة المقابلة كان يجلس الوجوديون مجتمعين حول جان بول سارتر وسيمون دي بوفوار. كان هؤلاء يترددون على المقهى منذ سنة 1939، وتوجد صورة معلقة تظهر سارتر وجماعته، ويعرف عنهم أنهم أخذوا مكان السرياليين. وليس بعيدا عن طاولة الوجوديين وجدت صورة لأرنست همنغواي بلباس عسكري، وإلى جانبه امرأة لا أعرفها، ربما هي زوجته الثالثة، فهمنغواي كان مزواجا. عشق أربعة نساء، وتزوجهن الواحدة تلو الأخرى. ويروي كارلوس بيكر، وهو أحسن كتّاب سيرته الذاتية، أنه كلما طلق امرأة إلا وكتب رواية جميلة. بعدها تأتي طاولة بابلو بيكاسو، وفوقها صورة له مع زوجته ''دورا مار'' (واسمها الحقيقي هو هينرييت ماركوفيتش)، التي تعرّف عليها في ذات المقهى سنة 1935، وعاش معها مدة عشر سنوات بجنوب فرنسا.
بعد الطواف على الصور، والجلوس تبركا إلى كل الطاولات، عدت إلى مكاني. طلبت من النادل قهوة. كان يرتدي بذلة سوداء وسترة لونها أبيض، شعره مصفف إلى الوراء، وبدا لي كأنه بورجوازي. وأنا أنتظر قهوتي، دخلت فتاة في العشرين، جلست أمامي، على طاولة غيوم أبولينار، وراحت تقرأ من رواية الأمريكي فيليب روث ''سخط''. بدت لي وكأنها تشعر بكثير من الاعتزاز والفخر وهي تجلس في ''لي دو ماغو''، وقلت مع نفسي: ''من الحظ أن يملك الجيل الجديد من المثقفين الفرنسيين مكانا كهذا يلجأ إليه، وينسج خيالات وأحلاما حول نجاح أدبي قد يأتي يوما. فهو مكان يحرك إحساسا بالانتماء إلى عالم أدبي مرجعي''. قرأت الفتاة مدة نصف ساعة تقريبا ثم انصرفت.
في تلك الأثناء كان النادل قد أحضر لي قهوتي. وفجأة سمعت سيدة تتحدث عن الروائي الأمريكي جيم هاريسون صاحب رواية ''يوم جميل للموت''. كانت تتكلم بلكنة أمريكية، وتقول لرجل بدين يرافقها إن هاريسون كان كثير التردد على ''لي دو ماغو''. كان يأتي عند منتصف النهار، يطلب كأس نبيذ أحمر، ويقرأ الجرائد. كان يفعل مثل ألبير كامي، كلاهما كان يفضل الجلوس بمفرده على خلاف سارتر الذي كان يفضل صياح رفاقه الوجوديين.
خرجت من المقهى سعيدا بالحج إليه. حققت حلمي أخيرا. وشكرت همنغواي الذي جعلني أعشق هذا المكان السحري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.