تتدفأ قيادة حزب العمال على ''كانون'' الانتخابات التشريعية منذ أشهر، فقد أشعل الحزب حطب النضال في مناضليه قبل فترة كان يستعد فيها لانتخابات مسبقة لم تتم، وبات الحزب الأكثر استعدادا للانتخابات المقبلة، من الناحية التنظيمية والهيكلية، ودخل في مرحلة ترتيب قوائمه الانتخابية، وتعبئة قواعده للفوز بانتخابات يصفها الحزب أنها غير مسبوقة وتقود إلى ''مجلس تأسيسي''. لم تمنع قسوة البرد وتساقط الثلوج، يوم الإثنين الماضي ''الرفاق'' من قيادات الحزب ومناضليه من الالتحاق بالمقر الذي هو عبارة عن فيلا صغيرة تقع في شارع بلفور بالحراش، تتكون من طابق أرضي توجد به قاعة الاجتماعات التي بها عدد من الكراسي الخشبية وطاولات غير متجانسة وبسيطة، تنسجم مع ''بروليتاريا الحزب''، وفي الطابق الثاني من المقر كانت الأمينة العامة للحزب لويزة حنون في مكتبها، تدير من هناك نشاط الحزب وغرفة عمليات الانتخابات، وكان عدد من قيادات الحزب يباشرون اتصالاتهم بالقواعد، حضرنا جانبا من توجيهات هاتفية لفرع الحزب في حاسي مسعود وبجاية، فيما كان أحد مناضلي الحزب في عين النعجة بالعاصمة يقدم شكوى شفوية إلى مسؤول التنظيم. ويعترف القيادي في الحزب، جلول جودي، أن المقر ضيق جدا بالمقارنة مع الحيوية السياسية التي يتميز بها الحزب، وبالنظر إلى حجم الانشغالات السياسية والنقابية التي يعالجها الحزب بشكل يومي أو مرحلي، ويؤكد أن الحزب لا يتوفر حتى على قاعة اجتماعات محترمة، ما يدفعه إلى تأجير قاعات لعقد اجتماعاته الهامة. ويفضل الحزب البقاء في منطقة ''الحراش''، برغم الصورة التي ترتسم عنها لدى عموم الجزائريين، يقول جودي ''ليس صحيحا ما يشاع عن منطقة الحراش من صورة انتشار العنف والسرقة وغيرها، نحن هنا منذ فترة طويلة، ونحظى بتعاطف كبير من قبل السكان، ولنا علاقات طيبة مع كل سكان الحراش، ولم نتعرض لأي مشكل مطلقا.. كما أننا نفضل البقاء هنا، أقرب إلى المواطنين ونبض الشارع، ونطمح من هنا أن نحقق الفوز في الانتخابات''. وتعتقد قيادة حزب العمال أن هذه الانتخابات مهمة كونها تحقق أحد المطالب التقليدية التي يرفعها الحزب منذ عقدين: إنشاء ''مجلس تأسيسي'' كون البرلمان المقبل سيضع الدستور الجديد للجزائر.. ويؤكد جلول جودي أنه لذلك ''فقد وضعنا شروطا معينة للترشح، خاصة ما يتعلق بالمستوى الثقافي والنضالي للمترشحين''، ويوضح أنه بعد تقييم الوضع الدولي والداخلي قرر الحزب المشاركة في الانتخابات، وأبلغت المكاتب الولائية باللائحة التنظيمية المتعلقة بشروط الترشح، كما تم الشروع في جمع ملفات المترشحين على مستوى المكاتب الولائية التي ستنقل هذه الملفات إلى المقر المركزي في العاصمة قبل 15 فيفري كأقصى حد، لمعالجتها من قبل اللجنة الوطنية للانتخابات التي تترأسها الأمينة العامة للحزب لويزة حنون، كما تم توزيع أعضاء القيادة على الولايات لتنشيط جمعيات عامة لشرح اللوائح الانتخابية، بحيث يدير كل عضو قيادي خمس أو ست ولايات. ويعد حزب العمال برغم الحيوية السياسية والحركية التي تعمل بها قيادة الحزب وعلى رأسها أمينته العامة لويزة حنون، والمنظمات الشبانية والنسوية التي أسسها الحزب لتعبئة النساء والشباب والطلبة في صفوفه، يعد أقل الأحزاب السياسية استعمالا للوسائط التكنولوجية وشبكات التواصل الاجتماعي، ففي عام 2012 مازال حزب العمال دون موقع إلكتروني يتيح لمناضلي الحزب وإطاراته والجالية في المهجر التواصل مع الحزب والاطلاع على نشاطه ومقترحاته وتفاعله مع القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية المطروحة، كما لا يملك الحزب أي حسابات في مواقع التواصل الاجتماعي ''فايسبوك'' أو ''تويتر''، ولا يملك أي من قيادات الحزب وأمينته العامة لويزة حنون صفحات خاصة في هذه المواقع حسب ما يؤكده جودي ويعتقد أن الحزب لا يراهن على هذه الوسائط للنضال، ويفضل التواصل المباشر مع ''البروليتاريا'' في الشارع والمقاهي والتجمعات مع الناس، عوض الأنترنت ''الإمبريالية''. لكن وبالمقابل يعد حزب العمال الوحيد بين الأحزاب السياسية الذي يصدر نشرية دورية ''الأخوة'' التي يصدرها مرتين في الشهر ويطبع منها 25 ألف نسخة توزع على المكاتب الولائية التي تتولى توزيعها على الفروع البلدية، لبيعها في الشوارع والأحياء والمقاهي من قبل شباب الحزب ومناضليه ب10 دنانير. وذكر جودي أن بيع النشرية من قبل مناضلي الحزب بشكل مباشر يعطي فرصة جد مهمة للتواصل مع المواطنين والشباب وإيصال أفكار الحزب، مشيرا إلى أن نشرية ''الأخوة'' هي الإعلام البديل بالنسبة للحزب، كونها تتضمن تعليمات تنظيمية وقرارات ومواقف، إضافة إلى أنها تكوين سياسي للمناضلين الشباب على التواصل مع المواطنين والعمال وكل فئات المجتمع، كما تصدر منظمة ''الشباب من أجل الثورة'' مجلة خاصة، ويتم بيعها وتوزيعها بنفس الطريقة.