عن أنس، رضي الله عنه، قال: كان النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، مِن أحْسَن النّاس خُلقاً، فأرسلني يوماً لحاجة، فقلتُ له والله لا أذهب وفي نفسي أن أذهب لمّا أمرني به صلّى الله عليه وسلّم، فخرجتُ حتّى أمر على صبيان وهُم يلعبون في السوق، فإذا النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، قد قبض بقفاي من ورائي، فنظرتُ إليه وهو يَضْحَك فقال: ''يا أنس، أذهبت حيث أمرتُك؟ قلت: نعم، أنا أذهب يا رسول الله. فذهبتُ'' رواه مسلم وأبو داود. قال حجّة الإسلام أبو حامد الغزالي: ''العفو صفة من صفات الله تعالى، وهو الّذي يمحو السيِّئات ويتجاوز عن المعاصي، وهو قريب من الغفور، ولكنّه أبْلَغ منه، فإن الغفران ينبئ عن الستر والعفو ينبئ عن المحْوِ، والمحو أبلغ من الستر. وحظّ العبد من ذلك لا يخفى، وهو أن يعفو عن كلّ مَن ظلمه بل يحسن إليه، كما يُرى اللهُ تعالى محسناً في الدنيا إلى العُصاة والكفرة غير معاجل لهم بالعقوبة، بل ربّما يعفو عنهم بأن يتوب عليهم، وإذا تاب عليهم محَا سيّئاتهم، إذ التائب من الذنب كمَن لا ذنب له، وهذا غاية المحو للجناية''. ( المقصد الأسنى، ص 140).