لم ينجح مؤتمر أصدقاء سوريا المنعقد أول أمس بتونس في توحيد رؤى الدول المشاركة حول سبل التدخل لحل الأزمة السورية، حيث تأكدت الخلافات بين مطالب بالتدخل العسكري وبين مناد بضرورة إفساح المجال أمام الحل السياسي. كشفت تقارير إعلامية أن وزير خارجية السعودية، الأمير سعود الفيصل، المنسحب من المؤتمر قبل قراءة البيان الختامي عبّر عن امتعاض بلاده الشديد مما أسماه ''تخاذل المجتمع الدولي عن نصرة الشعب السوري''. وأكد الوزير الأمير أن بلاده باتت متيقنة أن الحل السلمي والسياسي لم يعد ممكنا مع النظام السوري المستمر في تقتيل المعارضين له، في إشارة إلى ضرورة تسليح المعارضة، معتبرا في سياق حديثه أن النظام السوري ''أصبح بمثابة سلطة احتلال''، مضيفا أن الحديث عن المساعدات الإنسانية ''لم يعد مقبولا لأنه أشبه بتسمين الفريسة، قبل أن يستكمل الوحش افتراسها''. من جهتها أعلنت الإدارة الأمريكية أنها لا تستبعد أي حلول لوقف إراقة الدماء، حيث أشار الرئيس باراك أوباما إلى أن بلاده ''مستعدة لاستخدام كل الأدوات المتوافرة لمنع المجازر ضد الأبرياء في سوريا''، فيما أكدت وزيرة خارجيته، هيلاري كلينتون، أن الوقت بات يداهم الرئيس السوري بشار الأسد ولم يعد بالإمكان الاعتماد على الحلفاء الروسيين، الذين دعتهم في سياق حديثها إلى تغيير موقفها من الأحداث السورية. في هذه الأثناء كشفت تسريبات أمريكية أن إدارة البيت الأبيض تسعى جاهدة للتخلص من ملف الأزمة السورية قبل موعد الانتخابات الرئاسية، في إشارة إلى أن خطة العمل المنتهجة في الوقت الحاضر تقضي بالاستمرار في العمل على الخط السياسي، من خلال إرسال موفد أممي خاص إلى سوريا في محاولة لفتح المجال لتأمين ممرات آمنة وبالتالي التدخل الإنساني كمرحلة أولى، على أن يتم التغاضي عن المساعدات التي يتلقاها الجيش الحر من خلال تسهيل حصوله على السلاح عبر الحدود بشكل غير شرعي في الوقت الحاضر. ويرى المراقبون أن الخطة الأمريكية تهدف إلى إرهاق القوات النظامية السورية إلى أن يتوصل الموفد الأممي كوفي عنان إلى اتفاق مع الروس لزيادة الضغط على الرئيس الأسد من أجل قبول تسوية الجامعة العربية، التي تقضي بتنحيه عن الحكم لصالح نائبه فاروق الشرع. وقد أكدت مصادر دبلوماسية عربية أن الجامعة العربية بصدد بحث كيفية التضييق على النظام السوري وممارسة المزيد من الضغوط عليه، من خلال الاعتراف الرسمي بالمجلس الوطني السوري على أنه الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري، وذلك بإيعاز من قطر والمملكة العربية السعودية. من جانب آخر كشفت مواقع عربية، نقلا عن الأمير طلال بن عبد العزيز، شقيق العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، أن المملكة السعودية تتعرض لمؤامرة قطرية إسرائيلية تهدف إلى تقسيم المملكة، معتبرا أن موقف قطر من الأزمة السورية دليل على بداية تنفيذ المخطط. أما على الصعيد الميداني في المدن السورية المحاصرة، فإن الهيئة العامة للثورة السورية أكدت سقوط ما لا يقل عن 31 شخصا بينهم 26 من المدنيين، فيما تستمر المفاوضات مع النظام من أجل إجلاء الجرحى المحاصرين.