تراهن قيادات أحزاب تزعم انتشارها وطنيا على أسماء تنحدر من قبائل كبيرة في البيض، بغض النظر عن الاعتبارات الأخرى كالسمعة والمستوى العلمي والثقافي، غير أن هذه الأحزاب كانت هي الأخرى ضحية تضخيم ''فرسانها'' لانتماءاتهم، ويتكرر هذا السيناريو في كثير من الولايات التي تقع بالهضاب غربا. تكفي مراجعة بسيطة للأرقام التي حصدتها هذه الأحزاب في التشريعيات الماضية، وبالتحديد للأسماء التي راهنت عليها، لتأكيد أن ''مؤسسة القبيلة'' تراجع دورها خاصة بالمدن الكبرى بالهضاب. ويبدو أن شخصين ينحدران من قبيلتين كبيرتين في ولاية سهبية بغرب البلاد، ترشحا تحت عنوانين سياسيين مختلفين، وصلا إلى قبة البرلمان المنقضية عهدته بالكاد، بحوالي خمسة آلاف صوت، غالبية هذه الأصوات مثلما تشير أرقام الإدارة من خارج محيطهما القبلي المفترض، في حين كان المعنيان يتحدثان علانية على أن ''حزبهما هو قبيلتهما''. وأشار الكثير ممن سألتهم ''الخبر'' بغرب البلاد أن مؤسسة القبيلة ''كذبة كبيرة'' لما يتعلق الأمر بالانتخابات، لأن الريع الذي وزعته السلطة بالقرى والريف المتعلق بالبناء الريفي والكهرباء الريفية، وما يسمى الإصلاح الفلاحي، بواسطة أميار هذه الأحزاب، زاد من تمزيق النسيج القبلي. ويعرف المختصون في الأنتروبولوجيا وعلم الاجتماع أن القبيلة في الكثير من مناطق السهوب، ما هي إلا مجرد شعبة بسيطة في فضاء يسمى العرش، وهو التقسيم التاريخي الذي زاد من التناحر في الكثير من المناطق الريفية بين أبناء العرش الواحد حول أحقية أي شعبة برئاسة البلدية... ويعرف الكثير من المتابعين بهذه الولايات -خاصة المراسلين الصحفيين- المشاحنات المتراكمة حول أراضي العرش التي هي في الأصل ملك للدولة، وكذا الخلافات حول المناطق الممنوعة للرعي على عامة المربين البسطاء، في حين يستفيد منها في الغالب المقربون من الدوائر الإدارية والسياسية. ولا تنقص في هذا المجال الأمثلة والنماذج. أما الجرح الكبير الذي زاد مسمارا في نعش القبيلة، فهو العشرية السوداء. إذ يعرف الصحافيون الذين تابعوا الخبر الأمني وقتها قضايا تصفية الحسابات الداخلية وبين الكثير من المنتسبين لهذه المؤسسة، بين قبيلة وأخرى حول من تعود له الشرعية في مكافحة الإرهاب. في حين كان الجميع يعرف أن إرهابيين من الجهة الأخرى كانوا يقابلون أبناء عمومتهم كمقاومين في الطرف الآخر، الأكيد أن الأمر كان مجرد تصفية حسابات أكثر منه شيئا آخر.