هناك من يقول إن الرئيس بوتفليقة سيحتفظ بالحكومة الحالية إلى غاية نهاية عهدته عام ألفين وأربعة عشر، وهذا احتمال وارد لاعتبارات عديدة أهمها يتعلق بشخصية بوتفليقة نفسه ونظرته للأمور، لكنه في نفس الوقت يبقى احتمالا ضعيفا، كما يقول آخرون، لأن حالة الترقب التي يعيشها المجتمع الجزائري وحالة القلق التي تتخبط فيها الطبقة السياسية الجزائرية تجعل من إمكانية المحافظة على الوضع الراهن أمرا في غاية الخطورة وغير مضمون العواقب... ترويج آخر تبثه نفس الأطراف يقول باحتمال مواصلة الحكومة الحالية لمهامها إلى ما بعد التعديل الدستوري المعلن عنه، وهذا التعديل قد يؤجله الرئيس مرة إلى ما بعد بداية السنة المقبلة بعد أن كان مقررا في النصف الثاني من السنة الحالية، ولعل ما يدفع لهذا التأجيل هو الضبابية التي تغلف المشهد السياسي الوطني بشكل عام حاليا وفي الفترة التي ستعقب انتخابات العاشر ماي الحالي... لكن لنفرض أن الأحزاب المحافظة أو التقليدية أو الموالية للسلطة قد حققت في موعد العاشر ماي ما يؤهلها لتشكيل حكومة ما بعد التشريعيات، وهو تطور يسمح لبوتفليقة بالاحتفاظ بالحكومة الحالية باعتبارها مشكلة أساسا من الأحزاب المذكورة وإن طعمها بشخصيات من أحزاب قريبة أو مقربة، فلن يغير من واقع الحال في شيء... في هذه الحالة والحالات التي سبقت الإشارة إليها، يجد الجزائريون أنفسهم مجبرين على التعايش لفترة أخرى مع وجهي بلخادم وأويحيى، وربما وجه ثالث أو وجوه مشابهة في الطرح لوجه أبو جرة... فهل يستطيع الجزائريون مواصلة العيش مع وجوه تحكمهم منذ أكثر من اثنتا عشرة سنة؟... للعلم عرفت الجزائر اضطرابات متواصلة تمثلت في مئات الإضرابات وآلاف الوقفات الاحتجاجية وعمليات انتحار واغتيالات في ظل هذه الحكومة دون أن يتسبب أي منها، في إحداث تغيير يذكر، باستثناء الانسحاب الطوعي لأبو جرة وزحزحة زرهوني من الداخلية إلى نائب الوزير الأول وطمار من الصناعة إلى الاستشراف، وهروب بن أشنهو من وزارة المالية... نقول هروب لأن الرجل لم يُقل ولم يستقل، وإنما انسحب بعد تعرضه للشتم ومحاولة اعتداء جسدي من قبل خليدة تومي في اجتماع لمجلس الحكومة وفي حضور أويحيى، وحسب الروايات، فإن الرجل نجا بأعجوبة من مخالب المرأة الحديدية... لا علينا... لنسقط كل هذه الاحتمالات ونفرض أن الظروف ألزمت بوتفليقة بتشكيل حكومة فسيفسائية من وجوه جديدة في حالة نجاحها بهذا الحجم أو ذاك في تشريعيات نهاية الأسبوع القادم، فهل يعوّل على حزب شلبية أو زغدود أو بونجمة أو بوعشة أو بلعيد، أو بن حمو، أو أي من عشرات التشكيلات الأخرى المشاركة، تشكيل حكومة جزائرية وتسيير شؤون المرحلة الحالية بكل تجلياتها وتعقيداتها وتوتراتها؟ معضلة الجزائر الحقيقية تكمن في أن الوجوه القائمة مستهلكة وثبت عمليا عجزها طولا وعرضا وذهابا وإيابا ونزولا وصعودا... أما البدائل الأخرى... المعروضة أو التي تعرض نفسها، فهي فارغة المحتوى والشكل والمضمون... فإلى أين المفر يا جزائرنا الحبيبة بعد أن أفلسك الفالسون المفلسون من أبنائك؟ [email protected]