مشادات في الشوارع وتراشق بين المترشحين يبلغ عدد الناخبين في مصر طبقا للإحصاءات الرسمية 05 مليونا، وتم توزيعهم على 9 آلاف لجنة انتخابية، ويبلغ عدد القضاة المشرفين على متابعة العملية الانتخابية 51 ألفا، ويبدو أن أبرز المرشحين في المشهد الآن هم الدكتور محمد مرسي، مرشح الإخوان المسلمين، وعبد المنعم أبو الفتوح، المنشق عن الجماعة والمرشح المستقل، وحمدين صباحي، المرشح المستقل والذي ينتمي للتيار العربي الناصري، وعمرو موسى، الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، وأحمد شفيق، رئيس وزراء مبارك السابق. أبرزت نتائج الانتخابات بالخارج أن الثلاثة الأوفر حظا هم أبو الفتوح ومحمد مرسي وحمدين صباحي، إلا أن فرص عمرو موسى في الداخل أيضا قوية في المنافسة على مقعد الإعادة، وأشارت التوقعات إلى أنه من المستحيل أن يحسم أحدهم الرئاسة من الجولة الأولى، لأن هذا يتطلب أن يحصل المرشح على أكثر من 50 بالمائة من الأصوات. وقبل ساعات عن توجه المصريين إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس الجمهورية، لأول مرة في تاريخهم، من بين مرشحين متعددين، اشتدت المنافسة الانتخابية بين المرشحين ووصلت إلى حد التراشق بالألفاظ والاتهامات المتبادلة والمشادات الكلامية في الشوارع. أبرز ما ميز المشهد السياسي في مصر، أمس وأول أمس، هو اشتعال الحرب المباشرة بين الفلول. ورغم شهور العسل التي جمعت بين عمرو موسى وأحمد شفيق، خاصة بعد تمني شفيق لموسى التوفيق، وترحيب موسى بهذا في أحد البرامج التلفزيونية، إلا أن الحرب أعلنت بينهما وبشكل مباشر على المستوى الرسمي وبين مناصريهما على المستوى الشعبي، فقد بدأت حملة عمرو موسى الهجوم من خلال اتهام أحمد شفيق بأنه يهدد الاستقرار في مصر، ورد عليه شفيق بأنه إذا كان يخشى شيئا فعليه أن يلزم منزله، ثم اتهمت حملة عمرو موسى أحمد شفيق بأنه تلقى تمويلا من فلول الحزب الوطني المحل قدره 17 مليون دولار، جمعها له رجال الأعمال المستفيدين من نظام المخلوع مبارك، وردت حملة شفيق فورا بنشر صورة لعمرو موسى مع زكريا عزمي، رئيس ديوان مبارك والذراع الأيمن له، وهما يحتسيان الخمر، ثم اتهمت حملة شفيق عمرو موسى بأنه يتلقى تمويلا من رجل الأعمال شفيق جبر، أحد أقطاب الحزب الوطني. سر هذا الانقلاب وراءه نتائج المصريين بالخارج التي أكدت بعد إعلانها احتلال الفلول المرتبتين الرابعة والخامسة، وتقدم محمد مرسي مرشح الإخوان وعبد المنعم أبو الفتوح وحمدين صباحي مرشحي الثورة، واعتقاد كل من شفيق وموسى بأن الآخر هو السبب في تفتيت أصوات الفلول. فقد حاول بعض رجال الأعمال عقد جلسة تجمع بين الإثنين لإقناع أحدهما بالتنازل للآخر، إلا أنهما رفضا وبشدة فكرة التنازل. وهجوم موسى كان في البداية وراءه أيضا ميل المسيحيين نحو الإدلاء بأصواتهم في اتجاه شفيق، وهي كتلة هامة لا تقل عن 3 مليون صوت انتخابي، وكان ''موسى'' يعول عليها كثيرا.
شفيق يتهم موسى بتلقي المال من دولة عربية ومن حزب مبارك ومن جهته، فتح أحمد سرحان، المتحدث الإعلامي لحملة الجنرال أحمد شفيق، النار على حملة المرشح الرئاسي عمرو موسى التي اتهمت شفيق بتلقي دعم مالي كبير من أتباع نظام مبارك لتنشيط حملته الانتخابية، حيث وصف المتحدث هذا الاتهام بالكلام غير المنطقي وغير الصحيح، مؤكدا أنها محاولة لتشويه سمعة مرشحهم قبل يوم عن فتح صناديق الاقتراع. وفي تصريح ل''الخبر''، كشف سرحان عن تلقي حملة عمرو موسى دعما ماليا من إحدى الدول العربية التي تسانده بقوة، وكذا رجل الأعمال المعروف شفيق جبر، عضو لجنة السياسات بالحزب الوطني المحل وأحد المقربين من جمال مبارك، مضيفا: ''هذا الاتهام هو خرق للصمت الانتخابي وقوانين اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة، واستمرار لسيناريو الأكاذيب التي أطلقها بعض المرشحين والسياسيين في محاولة لخفض شعبية مرشحنا لدى الناخب المصري، وأدعو السيد عمرو موسى أن يتفرغ لحل مشاكل مندوبيه الذين هددوا بعدم حضور اللجان الانتخابية لعدم حصولهم على مستحقاتهم المالية، بل ترك المهمة لزوجته لاحتواء الأزمة''. وموسى يرد عليه بتهمة تلقي 2 مليون دولار من زوجة عز وفي السياق، أكد مصدر من حملة المرشح الرئاسي عمرو موسى، في تصريح خاص ل''الخبر''، عن تقاضي حملة أحمد شفيق مبلغا ماليا الأسبوع الماضي قيمته 10 ملايين جنيه مصري، أي ما يعادل 2 مليون دولار أمريكي، من زوجة رجل الأعمال المصري أحمد عز، المتواجد حاليا بسجن طرة. وأشار مصدرنا إلى أن حملة موسى اكتفت بإصدار بيان للرد على اتهامات حملة شفيق، استندت فيه إلى الآية القرآنية الكريمة ''إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا''، وموضحة أن حملة شفيق تدعي زورا وبهتانا، وأنها تتعامل بالعقلية الأمنية التي ينتهجها جهاز المخابرات، وإن كانت لديه وثائق تثبت ادعاءه فليخرجها، يقول المصدر ذاته. .. والإسلاميون أيضا يأكل بعضهم بعضا للمرة الأولى منذ بداية الثورة، تختلف التيارات الإسلامية حول التوجه السياسي، فقد تفتتت أصوات الإسلاميين بين محمد مرسي، المرشح الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين، وعبد المنعم أبو الفتوح، المنشق عن الجماعة والذي التفت حوله تيارات إسلامية أخرى، مثل حزب النور السلفي وحزب الوسط والجماعة الإسلامية. وبدأت الحرب بين الإسلاميين من خلال تسريبات تصويت المصريين بالخارج، حيث ادعى كل مرشح أنه المتقدم، وتقدم عبد المنعم أبو الفتوح بشكوى رسمية للجنة العليا للانتخابات، يتهم فيها أحد المرشحين باستخدام أسلوب التصويت الجماعي عن طريق البريد، وبالطبع كان المقصود بهذه الشكوى محمد مرسي الذي حصد أكثر من 40 بالمائة من أصوات المصريين بالسعودية. وتلقى مكتب إرشاد جماعة الإخوان استقالات جماعية من القيادات في المحافظات، دعما منهم لأبو الفتوح ورفضا لترشيح مرسي. ونشرت الصفحة الرسمية لدعم أبو الفتوح خبرا نشر على موقع الإخوان المسلمين عام 2006 يؤكد أن عبد المنعم أبو الفتوح هو مؤسس مشروع النهضة، واتهمت الصفحة محمد مرسي بأنه سرق مشروع النهضة من ''أبو الفتوح''. وفي المقابل قال أحد قيادات الإخوان في مؤتمر انتخابي إن أبو الفتوح إذا أصبح رئيسا سيضع أعضاء الجماعة في السجون، ولم يسلم أبو الفتوح أيضا من اتهامات بأنه أصبح خارجا عن الجماعة وغير مؤمن بالمشروع الإسلامي، وإيمانه أصبح ضعيفا. كما تم تداول صورة لأبو الفتوح على الفايس بوك، وهو يرتدي زي حركة طالبان في أفغانستان، وبدأت حرب ضخمة ضده تتهمه بأنه ينتمي إلى حركة طالبان الأفغانية، وأنه أحد تلاميذ ابن لادن، إلا أن حملة أبو الفتوح نفت هذا تماما، ونشرت تقريرا صحفيا كتب في جريدة الأهرام عام 1985 بعنوان: ''يوميات طبيب مصري في أفغانستان''، مؤكدة بأنه سافر بناء على قرار من نقابة الأطباء لإغاثة المنكوبين هو وطبيب آخر، وأن السفارة المصرية هناك نصحته بارتداء الزي الأفغاني حتى يتجنب المشاكل، ولا يتعاملون معه على أنه روسي وحياته تتعرض للخطر. وعن حيثيات الخلاف الدائر بين حزبي الحرية والعدالة، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، والنور السلفي، يوضح الدكتور يسري حماد، المتحدث الرسمي باسم حزب النور السلفي، في حديث مع ''الخبر''، أن الخلاف راجع إلى إعلان النور تأييده للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح في انتخابات الرئاسة، معقبا: ''لقد أطلقنا في البداية مبادرة ائتلاف القوة الإسلامية، وقتها قالت الجماعة إنه ليس لديها مرشح للرئاسيات، وبعدها رشحت نائب المرشد العام خيرت الشاطر، ثم رئيس الحزب الدكتور محمد مرسي، وحتى لا نقع في مشاكل أجرينا استفتاء داخل حزب النور والدعوة الإسلامية في محاولة للوصول إلى مرشح إسلامي توافقي، أو دعم أي من المرشحين ذوي الاتجاه الإسلامي، لأننا نحرص على مصلحة الوطن ثم التوافق بين الأحزاب السياسية، وكانت النتيجة تأييد أبو الفتوح نظرا لمبادئه المعروفة وسعيه إلى تحقيق أهداف ثورة 25 جانفي، ورؤيته الثاقبة لعلاقات مصر داخليا وخارجيا''. وفي سؤال حول رأيه في تشتت أصوات الإسلاميين نظرا لوجود أكثر من مرشح إسلامي، يقول محدثنا: ''لو الجماعة تهتم بمصلحة الوطن العليا وعدم تشتت أصوات الإسلاميين لسحبت مرشحها من الماراطون الرئاسي''. وفي المقابل، أكد صبحي صالح، المحامي وكيل اللجنة التشريعية في مجلس الشعب، والقيادي البارز بجماعة الإخوان المسلمين ل''الخبر''، أن الجماعة ليست لديها مشاكل مع حزب النور السلفي، الذي يضم، حسبه، خمسة أحزاب ذات تيار إسلامي، معقبا: ''حزب النور اختار أبو الفتوح وهو حر في خياراته، في حين يؤيد بعض منهم مرشحنا محمد مرسي، ودفعنا بمرشح لنا في الرئاسيات راجع إلى إدراكنا أن المشروع الإصلاحي الذي نادت به الأغلبية في البرلمان قوبل بالحصار من طرف بقايا رموز النظام السابق، كما أننا لاحظنا أن جميع المرشحين لا يحملون المشروع الإسلامي في برامجهم الانتخابية، ومن هذا المنطلق قررنا دفع مرشح منا، في محاولة لإنقاذ المشروع الإسلامي، وليس مصلحة شخصية''. شباب الثورة منقسمون أما شباب الثورة فقد انقسموا لأكثر من مجموعة، فقد قرر الاشتراكيون الثوريون وحركة حرية وعدالة وحركات ثورية أخرى مقاطعة الانتخابات تماما، وقررت حركة 6 أفريل وائتلاف شباب الثورة إعلان الحرب على الفلول من خلال توزيع منشورات في الشارع تطالب المصريين بعدم انتخاب الفلول، ووضعوا على المنشورات صورا لضرب الشرطة للمواطنين في عهد مبارك، وكتبوا عليها تعليقا: ''إذا كنت تريد عودة هذا المشهد هذا شيء سهل.. انتخب أحمد شفيق أو عمرو موسى''، وكتبوا أيضا: ''إذا كنت تريد إهدار كرامتك أو تغرق في الهجرة غير الشرعية أو تحرم أبناءك من العيش بكرامة وحرية.. انتخب أحمد شفيق وعمرو موسى''، فيما يفاضل البعض الآخر بين حمدين صباحي وعبد المنعم أبو الفتوح، باعتبار الأخير مناضلا سابقا وشارك الثوار في مظاهراتهم ومطالبهم التي أدت إلى إسقاط نظام مبارك، أما صباحي فيرون فيه خليفة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، فهو يطرح في برنامجه مشروع الحلم الناصري في الرئاسيات المصرية.