يقول المصريون إنهم يملكون إرادة سياسية قوية لإنجاز انتخابات رئاسية حرة لأول مرة في تاريخ مصر.. وأن هذه الإرادة السياسية القوية تواجه صعوبات موضوعية وأخرى مصطنعة. الصعوبات الموضوعية مردها إلى عدم تعود المصريين في حياتهم على ممارسة الانتخابات الحرة، إضافة إلى تخلف النظام الانتخابي المصري.. بسبب هامشية الانتخابات في حياة المصريين طوال ال60 سنة الأخيرة على الأقل. أما الصعوبات المصطنعة فهي الصعوبات التي تخلقها بقايا النظام الراحل وتخلقها أيضا المعارضة البديلة التي لا تريد أن تتخلى هي الأخرى عن ممارسات النظام السابق في الاستئثار بالحكم إذا حازت على ثقة الشعب. لكن أخطر الصعوبات التي تواجه الرئاسيات المصرية هي تدخل بعض دول الخليج لإفساد هذه الانتخابات لإعطاء الانطباع بأن المنطقة العربية تربتها غير صالحة لزراعة الديمقراطية... وأنه ليس هناك ما هو أصلح للعرب من الديكتاتوريات العائلية والاستبداد العادل باسم الدين. القطريون والسعوديون رموا بالمال في الساحة المصرية السياسية لمناصرة من يرون فيه أكثر المرشحين للحفاظ على مصر ''ملهى ليلي'' لدول الخليج! تماما مثلما فعلوا بلبنان في نصف القرن الأخير. السعوديون والقطريون لا يريدون حدوث تغيير حقيقي في مصر، لأن ذلك يعيد هؤلاء إلى حجمهم الطبيعي في الساحة العربية.. ولذلك يهمهم أن لا تنجح التجربة المصرية هذه لأن نجاحها يعيد مصر إلى مكانها الطبيعي في الساحة العربية والدولية وعندها لن نسمع بدور لآل سعود أو لآل حمد، كما هو حاصل الآن في المسألة السورية ومسألة ليبيا ومسألة اليمن. أما دول المغرب العربي فوضعها مع دول الخليج مضحك بالفعل.. فالسعوديون والقطريون لا يهمهم من علاقتهم بالمغرب الشقيق مثلا غير حكاية السياحة المشبوهة..! تماما مثلما لا يهم هؤلاء من الدول الغربية سوى سياحة العربدة والمجون! وفي الجزائر وجد أمراء السعودية وقطر صيغة للتعاون مع الجزائر والجزائريين وهي إقامة محميات كاملة لهم في الهضاب العليا وشمال الصحراء! يقوم نشاطها ''السياحي'' على اصطياد طائر ''الحبار''! وأصبحت مناطق واسعة من هذه الأراضي التي وضعت تحت تصرف أمراء الخليج ممنوعة حتى على الجزائريين! وطوّر أمراء الخليج هذا النوع من السياحة فأصبحوا يوظفون بعض الجزائريين طوال العام لمراقبة وتحديد أماكن وضع طائر الحبار لأعشاشه في الربيع والصيف، لتسهيل عملية الصيد في الخريف! في مصر يصطادون الأصوات وفي الجزائر يصطادون الحبّار. وحال الأشقاء في تونس لا تختلف عن حال المغرب والجزائر في علاقتهم بأمراء الخليج! خاصة بعد ثورة الجزيرة والربيع الخليجي في تونس! نجاح الإخوة في مصر في الرئاسيات القادمة لا يحرر مصر والمصريين فقط، بل يحرر معهم المغاربة والتوانسة والجزائريين من حكاية العبودية للبترودولار في مرحلة أولى، ويحرر لاحقا شعوب الخليج من الفساد والاستبداد؟! [email protected]