إنّ الصوم بالإضافة إلى كونه رُكنًا من أركان الإسلام، إذا تعلّق الأمر برمضان، وعبادة يَتقرّب بها المسلم لربِّه ويستقيم بها على نهجه، يعدّ إلى جانب ذلك وسيلة ناجعة للشِّفاء من أمراض وعلل كثيرة، خاصة تلك المتعلقة بسوء إطراح بعض الفضلات والسُّموم الناتجة عن مواد غذائية معيّنة، إلى درجة أنّنا نجد أطباء كثيرين ينتسبون إلى مدارس علمية شتَّى، وأديان مختلفة في العالم، يجمعون على عظيم الفائدة الّتي يجنيها المرء بالصوم. نجد في بعض كتب تاريخ العلم، نجد أنّ الأطباء القُدامى، قبل الميلاد، استخدموا الصوم كوسيلة لعلاج حالات اليرقان وداء الصرع، مثل الطبيب ''اسكالبيا'' والطبيب ''تيسالوس''، والحكيم الشهير ''هيبوقراط'' الّذي يُسمّى أبا الطب اليوناني. وفي العصر الحديث، كتب الدكتور ''وولف باير''، وهو طبيب ألماني مشهور، كتابًا أسماه ''العلاج بالصوم علاج المعجزات''، أكّد في بعض فصوله على أنّ الصوم هو الواسطة الأكثر فعالية من أجل القضاء على أيِّ مرض من الأمراض، ثمّ أضاف قائلاً: ''إنّ الصوم والجراحة هما الأمران الكبيران الهامان اللذان نملكهما في عتادنا الطبي''. ويقول الدكتور ''أوزبك'' أستاذ الجراحة في أوبسالا: ''لقد حصلت على نتائج باهرة في أغلب الحالات المرضية الّتي عالجتها بالصوم''. الأمر الذّي جعل الإدارة المسؤولة في تلك الجامعة تخصّص جائزة مقدارها خمسة آلاف دولار، إلى جانب خمسمائة دولار تقدّم كلّ شهر لهذا العالم، تشجيعًا له على نجاحه في أبحاثه وتجاربه العلمية. أمّا الدكتور ''ثون سيلاند'' من الأطباء الروس، فقد كتب يقول بعد سنوات من الممارسة الطبية والتّجربة العلمية: ''عقب جميع التّجارب الّتي أجريتها، توصلتُ إلى أنّ الصوم ليس فقط واسطة علاجية من نوعية جيّدة جدًّا، بل إنّه يستحق الاحترام من وجهة النّظر الثقافية أيضًا''. فمَا أحوج المسلمين إلى أن يستفيدوا من هذه الفريضة الجليلة، وإلى إعمال النّظر والفكر بشكل دائب دائم لاستيعاب مقاصدها وأسرارها وأبعادها المختلفة، وتفعيل ذلك عمليًا وسلوكيًا في واقع حياتهم وضمن نطاق شبكة علاقاتهم الاجتماعية والإنسانية، كي ينتفعوا فعلاً بهذه العبادة الجليلة، وينفعوا من ثمّة غيرهم من الخلق.