كشفت مصادر مسؤولة من وزارة الصحة، بأن مصالح هذه الأخيرة أبرقت، أياما قبل رحيل الوزير السابق جمال ولد عباس، بمراسلة مستعجلة إلى مديريات الصحة على مستوى جميع الولايات، تعتبر امتدادا للتعليمة رقم 009 بتاريخ 16 أفريل الماضي، القاضية بتطبيق تقنية الحرارة البخارية في تعقيم المعدات الطبية، تلزمهم بتوسيع هذا الإجراء ليشمل القطاع العمومي، ولاسيما المؤسسات الصحية الجوارية، تلبية لمطلب مهنيي القطاع. غير أن وزارة الصحة التي شددت على ضرورة العمل بالتقنية الجديدة، دون أي تأخير، لم تزوّد المؤسسات الصحية بالميزانية الخاصة لاقتناء أجهزة التعقيم البخاري، رغم أنها تلقت في مراسلات عديدة، شكاوى من مسيري هذه العيادات، تطالب بمعالجة العجز الكبير الذي تعانيه، وكان وراء عدم تمكنها من دفع فواتير الكهرباء والهاتف، ما تسبب في انقطاع كل هذه الخدمات، وانعزالها عن المصالح المركزية، وأخطر من ذلك توقف شبكة ''الأنترانات'' التي تربط مختلف المؤسسات الاستشفائية والصحية العمومية ببعضها وبالمديريات الجهوية والمركزية، وهو أمر خطير، تضيف مصادرنا، بالنظر إلى الأموال الضخمة التي استنزفها مشروع شبكة الأنترنت الداخلية، حيث استلزم تجنيد موارد بشرية وإطارات من مختلف القطاعات التي لا علاقة بالعملية، إضافة إلى تخصيص الملايير لإنشاء شبكة تعاني حاليا مشكل ربط وتوصيل دون تدخل الوزارة. واستغربت المصادر التي تحدثت ل''الخبر''، عدم تخصيص وزارة الصحة الميزانية الخاصة بتطبيق التقنية الجديدة والمعمول بها في جميع الدول، رغم أن التعليمة محل القرار، أصدرها وزير الصحة الأسبق السعيد بركات، قبل أن يتم تجميدها بمجيء الوزير السابق جمال ولد عباس، الذي أمر مجددا بتطبيقها لكن في عيادات جراحة الأسنان فقط. ويبلغ عدد المؤسسات الصحية الجوارية، حوالي 500 على المستوى الوطني، تسير كل واحدة منها 25 وحدة صحية. وبلغة الأرقام، فإن اقتناء أرخص جهاز للتعقيم بقيمة حوالي 50 مليون سنتيم، يرفع المبلغ اللازم لتعميم العملية، إلى أكثر من مليار سنتيم، في حين أن ميزانية هذه الأخيرة السنوية لا تتجاوز 75 مليار سنتيم، أكثر من ثلثيها يذهب إلى صرف الأجور، والباقي لا يكفي حتى لدفع مختلف الفواتير من ماء وكهرباء وهاتف. وتساءل محدثونا، عن سبب إقرار وزارة الصحة لمثل هذا الإجراء، في وقت أعلنت السلطات عن مخطط تقشف خلال السنوات المقبلة، باعتبار أن الجزائر ليست في منأى عن الاضطرابات الاقتصادية التي تعرفها جميع دول العالم، والنتيجة أن مصالح الوصاية ومن خلال التعليمة الجديدة، عقّدت من أزمة التسيير ''الكارثي'' للقطاع وفاقمت مشاكل العيادات العمومية التي أصبحت، اليوم، عاجزة عن التكفل بالمريض.