يتهم مدراء مؤسسات استشفائية عمومية، جمال ولد عباس وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، بتعريض صحة المواطنين للخطر بسبب عدم التزام مصالحه بمضمون التعليمة التي أرسلها أمينه العام خلادي بوشناق المتمثلة في منع المؤسسات العمومية من اقتناء أكثر من 50 بالمائة من حاجياتها من الدواء واللقاحات مقابل أن توفر وزارة الصحة ال 50 بالمائة الأخرى لهذه الأخيرة، لكن الذي حصل أن لا الوزارة وفرت ما التزمت به ولا مدراء المؤسسات استطاعوا إطلاق مناقصات لتموين مخازنها من الدواء واللقاحات لعدم علمها بالكميات ونوعية ما ستوفره الوزارة، مما أنتج ندرة مضاعفة للأدوية واللقاحات ويعرّض الصحة العمومية لانتكاسة خطيرة. بينما كان الوزير يعلّق ندرة الأدوية على سرقتها من طرف مستخدمي الصحة العمومية، وكذا تلاعب بعض مؤسسات الاستيراد بالفواتير ووجود مافيا وراء ذلك، تحصلت ''الجزائر نيوز'' على وثيقة تضيف رأيا آخر ولكنه مخالف ويكشف الوجه الآخر للأزمة. هذه الوثيقة هي نسخة من التعليمة الوزارية MSPRH'' 206'' SG المؤرخة في السادس من فيفري 2012 والتي تنص على أنه لا ينبغي لكافة مدراء المؤسسات الاستشفائية والصحية العمومية أن يتجاوزوا عتبة الخمسين بالمائة في ميزانياتهم السنوية من أجل اقتناء احتياجاتهم من الأدوية واللقاحات، على أن تتكفل الوزارة الوصية بما تبقى من نسبة الطلبات والحاجيات لضمان سير حسن لمخزون الأدوية في المستشفيات من جهة، والقضاء على الندرة التي سيطرت على مخازن المؤسسات الصحية ولا تزال تعرّض عشرات الآلاف إلى خطر الموت أو المضاعفات الصحية الخطيرة. الذي حصل حسب مصدر إداري لإحدى المؤسسات الاستشفائية الكبيرة، أن الوزارة لم تلتزم بما جاء في مضمون التعليمة التي وقعها أمين عام وزارة الصحة خلادي بوشناق الذي جاء به الوزير معه من قطاع التضامن. ويقول مسؤول في إحدى المستشفيات ''لا يمكننا اقتناء الأدوية واللقاحات عن طريق المناقصات حسب قانون الصفقات العمومية إلا بعد أن نعرف الكمية التي ستزودنا بها وزارة الصحة، فقد تكون أقل من النسبة التي أشير إليها، وقد تكون أكثر، ثم إنها إذا كانت محددة في عتبة الخمسين بالمائة مثلما سبقت وأشارت في تعليمتها، فإنها لم تزودنا بها بعد رغم مرور قرابة نصف عام عن إرسالها''. ويضيف المصدر ''لا نعرف كيف نتصرف في الحقيقة اليوم أمام هذه المعضلة لقد اعتقدت الوزارة أنها بخصم 50 بالمائة من صلاحيات توفير الأدوية واللقاحات، ستقضي على الندرة، فإذا بها هي ذاتها لم تلتزم بالتعليمة التي أصدرتها''. ويقول مصدر نقابي من قطاع الصحة على علم بهذه التعليمة، ''الأمر أصبح أكثر تعقيدا من ذي قبل فمدراء المؤسسات الاستشفائية من حقهم الامتناع عن المغامرة باقتناء الأدوية واللقاحات بنسبة 50 بالمائة من حاجياتها بينما لا يملكون تاريخا محددا أو كمية محددة ومقيدة في مراسلة تؤكد وصولها إلى المخازن، مما يمّكنها من وضع استراتيجية لتسيير مخزونها الدوائي''. ويقول مسؤول مصلحة في مركز صحي بالعاصمة ''من المغامرة إعلان عن مناقصات للتزود باللقاحات أو الدواء بينما لم نعرف كم ومتى تصلنا الكمية التي وعدتنا بها الوزارات''. وزارة الصحة تتهم من لم يطبقوا تعليمة ال50 بالمائة بسوء التسيير كشف خلادي بوشناق، الأمين العام لوزارة الصحة، أن التعليمة التي تفرض اقتناء الحاجيات الدوائية بنصف الميزانية كانت مقترحة من وزير القطاع وصادق عليها الوزير الأول أحمد أويحيى، وأضاف أن الخمسين بالمائة من الكمية التي وعدت الوزارة بتوفيرها توزع بشكل يومي عبر المؤسسات الاستشفائية منذ نهاية ماي الماضي، وبدأت العملية تؤتي ثمارها. وكشف أيضا عن إرسال الوزير لمفتشية تبحث النسبة التي وصلت إليها تطبيق التعليمة من طرف المدراء عبر كامل الولايات. واتهم بوشناق مدراء كانوا يقتنون ''مثلا قفازات طبية لمدة 3 سنوات على حساب أدوية مهمة للمرضى في مستشفيات متخصصة وذلك في إطار صفقات لأصدقائهم، أما اليوم الاقتناء الجماعي للحاجيات وبنصف الميزانية أصبح يؤتي أكله، ومن لم يفهم أو لم يطبق فقد يكون مسيّرا سيئا''. وكشف خلادي بوشناق أيضا أن 46 مسؤول مؤسسة استشفائية معرضون للتوقيف عن العمل بسبب عدم تطبيقهم للتعليمات الخاصة بهذا القرار ممن لم يقوموا بالإعلان عن حاجيات مؤسساتهم، مالم يقدموا أعذارا مقنعة، ''فهناك من قام بتنفيذ التعليمات والأمور تسير على نحو أحسن من الماضي''.