استقبلت الأوساط الأدبية والإعلامية عبر العالم، خبر إعلان أكاديمية السويد عن فوز الروائي الصيني ''مو يان'' بجائزة نوبل للآداب لسنة 2012، بكثير من الدهشة والحيرة. فأحدثت اللجنة، مثلما عودتنا، مفاجأة كبيرة، بمنحها الجائزة لكاتب صيني مغمور، لا يعرف انتشارا واسعا في العالم، مثلما هو الحال مع الياباني ''هاروكي موراكامي'' أو الأمريكيين ''دان دي ليلو''، و''فيليب روث'' الذين وردت أسماؤهم ضمن قائمة الكتاب المرشحين. جاء فوز الروائي الصيني ''مو يان''، أول أمس، بجائزة نوبل للآداب، في خضم الأزمة الاقتصادية العالمية واليد الصينية الممدودة للغرب لإخراج الاقتصاد الليبرالي من حالة الركود التي يعيشها منذ أكثر من ثلاث سنوات. كما تزامن مع صراع سياسي يوصف بالناعم بين بكين والغرب، بخصوص الوضع في عدد من الدول التي كانت في ما مضى بمثابة مراكز نفوذ بالنسبة للشركات الأجنبية الغربية، اخترقتها الشركات الصينية في السنوات الأخيرة. وتزامن كذلك مع ظهور بوادر تجدد الصراع بين الصين واليابان التي خرج مرشحها هاروكي موراكامي خالي الوفاض، رغم أهميته الأدبية وانتشاره الواسع. وجاء حصول ''مو يان'' على أكثر الجوائز الأدبية رفعة عبر العالم، ليؤكد التفوق الصيني حتى على المستوى الأدبي، حيث استقبل الحزب الشيوعي الصيني خبر فوز ''مو يان'' بالجائزة بحفاوة، فكتبت جريدة ''الشعب'' لسان حال الحزب، بأن ذلك يعد مفخرة للصين. وأوردت وكالة أنباء الصين الجديدة، وفق صحيفة ''لوبوان'' الفرنسية تصريحات مشجعة لمو يان، من قبل المسؤول الأكبر على الدعاية في الحزب الحاكم في الصين منذ .1948 ويعرف عن ''مو يان'' تقربه من النظام الصيني، واستياء عدد كبير من الروائيين داخل الصين من أعماله الروائية ومن مواقفه التي تعبّر عن عدم قدرة على إبداء أي نقد للحزب الشيوعي، ورفضه خلال السنوات الماضية تقديم أي دعم للكتاب المنشقين، وفق ما أوردته عدة صحف فرنسية أمس. بينما ترى أكاديمية السويد العكس تماما، واعتبرت أن بعض أعمال ''مو يان''، تتوفر على نقد لاذع للمجتمع الصيني الحديث. وكرد فعل أولي، حاول ''مو يان''، وهو أول كاتب صيني يفوز بالجائزة، أن يقلل من التأثيرات السياسية على فوزه بنوبل للآداب، فصرح للصحافة قائلا: ''أعتقد أن السبب وراء فوزي بالجائزة هو أن أعمالي قدمت أنماط حياة بخصائص صينية فريدة، كما أنها تحكي القصص من وجهة نظر أشخاص عاديين، حيث تتجاوز اختلافات الدول والعرقيات''. وأضاف أنه ''مجرد الكاتب الصيني مو يان''، في إشارة منه إلى رفض التأثيرات الغربية وحتى اللاتينو أمريكية على أدبه، كتلميح منه لتخلصه من تأثير الأمريكي وليام فولكنر والكولومبي غارسيا ماركيز، وعودته إلى التأثيرات الشفهية والتقليدية الصينية كجزء مهم في الثورة الثقافية الصينية، رغم أنه وضع في عداد ''العناصر السيئة'' من قبل النظام حينها. وطبعا تعد مثل هذه التصريحات تعبيرا أيديولوجيا من كاتب صيني يعيش في الداخل ويعبّر عن ''حقوق العمال والفقراء''. كما عبر اتحاد الكتاب الصينيين عن سعادته بالجائزة. يذكر أن ''مو يان'' (وتعني لا يتكلم) هو الاسم المستعار للكاتب ''غويان موي''. ترجمت ثماني عشرة رواية من مجمل أعماله إلى الفرنسية، ونشرت بدار ''لوسوي'' الشهيرة. للعلم، سبق للجنة نوبل أن سارت على عكس توجهات الغرب، لما منحت الجائزة سنة 1947 للروائي الفرنسي أندري جيد المعروف بنضاله ضد المنظومة الكولونيالية الغربية والفرنسية بالخصوص. واعترف جيد أنه فاز بالجائزة بفعل مواقفه السياسية، أكثر منه بسبب عالمه الروائي. وذكر الناقد الفرنسي فرانسوا كومبا، في حوار أجرته معه صحيفة ''لوبوان '' الفرنسية، أمس، أن لجنة نوبل كثيرا ما أهملت الأبعاد الفنية للأعمال الفائزة، حيث تم إهمال مجهود كتاب الرواية الجديدة طيلة السبعينيات، ولم يتمكن كلود سيمون من الفوز بالجائزة سنة 1985، إلا بضغط من غابرييل غارسيا ماركيز.