نعم، البلد أصبح غير قابل للإصلاح.! وكلما تقدّم الحال، ازدادت صعوبة التغيير بغير التكسير.. لأن الفساد والرداءة أصبحا نظاما كامل النسق، وتتمتع الرداءة والفساد بشعبية هائلة قد لا يتصورها الناس.! الفساد أصبح يضرب في العمق المؤسسات التي يناط بها محاربة الفساد.! والرداءة أصبحت هي المعيار لإسناد المهمات والوظائف للناس. ولذلك، يستحيل إصلاح النظام من داخل النظام، وبأدوات النظام القائمة والمستترة.! مثل هذه الأمراض التي تضرب الجزائر، حاليا، سبق أن ضربت نظما ودولا قبلنا.. وربما لم يصل فيها حال الرداءة والفساد المستويات التي وصلت إليها الأمور عندنا. وأصدقكم القول إنني أصبحت أخاف أن يحدث للنظام في الجزائر ما حدث لنظام مبارك في مصر، حيث أصبح الأطفال والشباب يعبثون بالوثائق السرية لجماعة عمر سليمان في شوارع القاهرة.. أو يحدث لنا ما حدث في رومانيا شاوسيسكو، حيث أصبح الشعب يبحث عن أزلام النظام في الأقبية والمواسير، كما تبحث القطط عن الفئران.! العبث بالمؤسسات في الجزائر وصل مداه.. والعبث بمقدرات البلد المالية تجاوز كل تصور، والفساد الإداري والسياسي والأمني بلغ حدّا من السوء لا يتصوره العقل. وعندما يقول رئيس الحكومة سلال: إن الشعب لا يكره السلطة بل يكره الإدارة.! فلابدّ أن نتساءل من هي هذه السلطة التي لا يكرهها الشعب إذا لم تكن الإدارة؟! وعندما نجد المدير العام للأمن الوطني يتعرّض لتهديدات جدية من طرف عصابات المصالح وقوى الفساد المرتبطة بالسلطة، ويستغيث برئيس الجمهورية لحمايته، فذاك يعني أن البلاد وصلت إلى حالة ميؤوس منها في الإصلاح داخل أجهزة الدولة؟! لأن الفساد والرداءة أصبحا هما النظام الحاكم بأمره في البلاد. نعم، لقد أصبح الخيّرون في أجهزة الدولة أقلية الأقلية، وتتعرّض لحالات إبادة منظمة من طرف قوى الفساد وعصابات المنافع.! نعم، لقد تمكن الفساد والرداءة من مفاصل الدولة الحيوية.. وبات أي إصلاح جدّي يخرج البلاد مما هي فيه، ضربا من الخيال. لذلك، أقول لا أمل في الإصلاح الذي ينجز بواسطة عصابات الفساد المنظم. إنني تعبان.. [email protected]