حمّلت كل من الحكومة السورية والمعارضة المسلحة، الطرف الآخر مسؤولية انهيار هدنة عيد الأضحى التي كان الأخضر الإبراهيمي يسعى لتحويلها إلى هدنة دائمة تنهي المحنة السورية، غير أن تطورات الأحداث على أرض الواقع أكدت ما ذهب إليه المتابعون للشأن السوري، من أن هدنة الإبراهيمي لن تعمّر إلا لساعات. لم تعمّر الهدنة التي توصل إليها المبعوث الأممي العربي الأخضر الإبراهيمي، بين أطراف المعضلة السورية، سوى ساعات قليلة، لتعود الأوضاع إلى ما كانت عليه. وحسب الحصيلة التي أعلنها المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يعتمد، كما يقول، على شبكة واسعة من الناشطين والمصادر الطبية في مستشفيات عسكرية ومدنية بمختلف أنحاء سوريا، فإن عدد الضحايا الذين سقطوا يوم العيد بلغ 146 شخص، منهم 53 مدنيا و50 مسلحا و43 جنديا من القوات النظامية. وبالتأمل في عدد قتلى اليوم الأول في الهدنة، ومقارنته بعدد الذين يسقطون في مواجهات بقية الأيام، نجد أنه لا يختلف في شيء، وهو ما يعني في المحصلة النهائية أن هدنة الإبراهيمي قد ولدت ميتة، وهذا ما كان يتوقعه معظم المراقبين والمتابعين للشأن السوري. وحسب العديد من المصادر، فإن الهدنة المعلنة قد اخترقت في أول أيامها في 281 نقطة، وتوزعت هذه الخروقات بمحافظات دمشق وحلب وإدلب ودرعا وحمص وحماه، وكانت أولى هذه الاختراقات، حسب قيادة الجيش السوري الحر، قد سجلت بالمنطقة التي اشتهرت في الأسابيع الأخيرة على نطاق واسع ب''وادي الضيف'' بمحافظة إدلب، وتمثل هذا الاختراق في محاولة الجيش النظامي إسناد قواته المحاصرة هناك منذ أسابيع، بأرتال من الدبابات والمقاتلين، وهو ما دفع بقوات المعارضة إلى التصدي لها، فدارت منذ صبيحة الجمعة اشتباكات عنيفة بين الطرفين في محيط المعسكر المحاصر. أما من الجانب الرسمي، فأعلنت قيادة الجيش النظامي، حسب برقية لوكالة الأنباء السورية، أن ''مجموعات مسلحة'' قامت ب''خروقات'' لوقف إطلاق النار بالاعتداء على عدد من المواقع العسكرية في مناطق سورية مختلفة يوم الجمعة، ما استدعى رداً من القوات السورية النظامية. وجاء في بيان توضيحي بثه التلفزيون الرسمي السوري ''في خرق واضح للإعلان عن إيقاف العمليات العسكرية، قامت المجموعات المسلحة بالاعتداء على بعض المواقع العسكرية''، منبها إلى أن الجيش يرد على هذه الخروقات ويلاحق هذه المجموعات. أما ثاني أيام العيد، فقد تميز على غرار سابقه بتواصل المواجهات بمختلف المناطق الساخنة، وبانفجار سيارة مفخخة أمام كنيسة بمدينة دير الزور. وقد أعلن التلفزيون الحكومي، حسب مصطلحاته، أن ''العصابات الإرهابية المسلحة انتهكت مجددا الهدنة بتفجيرها سيارة مفخخة أمام كنيسة السريان في دير الزور، ما أسفر عن أضرار مادية جسيمة''، أما مصادر المعارضة، فتحدثت يوم أمس عن تواصل القصف الحكومي العنيف لمدن رئيسية ومنها مدينة دير الزور وحلب وفي ضواحي دمشق وريفها وحمص ومنطقتي ادلب ومعرة النعمان. وفي أول رد فعل خارجي على هذه التداعيات، قال نائب وزير الخارجية الروسي، غينادي غاتيلوف، إن المعارضة السورية المسلحة أحبطت هدنة عيد الأضحى في سوريا ومن الواضح أنها تتجه حاليا نحو مواصلة أعمال العنف. وقبل هذا، كانت وكالة ''ايتار تاس'' الروسية للأنباء، قالت إن روسيا قدمت، أمس، لمجلس الأمن الدولي، مشروعا لبيان يدين العمل الإرهابي الذي نفذ بدمشق في أول أيام العيد خرقا للهدنة، إلا أن المجلس لم يتبنّ هذا المشروع بسبب موقف دولة لم يذكرها بالاسم.