ينظر إلى زيارة كلينتون باعتبارها تأتي لتليين موقف الجزائر من التدخل العسكري في شمال مالي مع اقتراب انتهاء المهلة التي حددها مجلس الأمن الدولي، 45 يوماً، لإيجاد الحل التفاوضي قبل منح تفويض بالتدخل العسكري. وقالت كلينتون في ختام لقائها مع بوتفليقة "كانت لنا محادثات معمقة جداً حول الوضع في المنطقة وخاصة في مالي." وتابعت "اعجبت كثيراً بتحليل الرئيس انطلاقاً من خبرته الطويلة حول العوامل المعقدة في الامن الداخلي لمالي، وكذلك حول خطر الارهاب وتهريب المخدرات." واضافت قبل ان تنضم الى مأدبة غداء اقامها الرئيس الجزائري بوتفليقة على شرفها "اتفقنا على متابعة المحادثات على مستوى الخبراء وبمشاركة الفاعلين في المنطقة ومنظمة الاتحاد الافريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا والامم المتحدة لمحاولة ايجاد حل لهذه المشاكل." وحضر لقاء كلينتون وبوتفليقة وزير الخارجية مراد مدلسي والوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني عبد المالك قنايزية ووزير الطاقة والمناجم يوسف يوسفي والوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والافريقية عبد القادر مساهل المسؤول الاول عن ملف مالي. ولم تدل السلطات الجزائرية باي تعليق مساء الاثنين اثر زيارة كلينتون، لكن مصدراً اميركياً اورد ان الرئيس الجزائري لم يوافق "في شكل ملموس" على تدخل عسكري افريقي في مالي كما لم يعارضه بحسب وكالة "فرانس برس". وكانت الجزائر تعارض اي تدخل عسكري دولي في جارتها الجنوبية خشية ان تؤدي الازمة الى "زعزعة الاستقرار" على اراضيها حيث يقيم 50 الفاً من الطوارق، لكنها تراجعت مؤخراً عن موقفها هذا. واعتبرت الجزائر ان قرار مجلس الامن بشان التدخل العسكري لاستعادة شمال مالي من الاسلاميين المسلحين "ايجابي" وانه اخذ في الاعتبار "العديد من العناصر" الواردة في الخطة الجزائرية لحل ازمة هذا البلد. واصدر مجلس الامن الدولي في 12 تشرين الاول/اكتوبر قرارا يمهد لنشر قوة دولية يقارب عددها ثلاثة آلاف عنصر في مالي، ويمهل المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا 45 يوماً لوضع خططها، وابدت الولاياتالمتحدة وفرنسا استعدادهما لتقديم دعم لوجستي. لكن الجزائر لم تعلن انها ستشارك باي شكل من الاشكال في التدخل العسكري على حدودها الجنوبية، كما اكدت ان الهدف الاول للتدخل العسكري يجب ان يكون "محاربة الارهاب". ولدى الجزائر الكثير مما تخشى عليه باعتبارها أكبر بلد في إفريقيا فضلاً عن أنها دولة غنية بالغاز والنفط ومصدرة لهما، تشترك مع مالي في حدود يبلغ طولها ألفي كيلومتر وتعتبر نفسها قوة إقليمية كبيرة. وللتذكير فلا يزال الصراع مع الإسلاميين المسلحين عالقاً بأذهان الجزائريين حيث أودى بحسب جماعات دولية معنية بحقوق الإنسان بحياة أكثر من 200 ألف شخص على مدى 20 عاماً بالإضافة إلي مئات المفقودين. ولا ترغب الجزائر في أن تتحول مالي الى "أفغانستان" الساحل الإفريقي وهي منطقة صحراوية تمتد عبر عشر من أشد دول العالم فقرا في جنوب الصحراء. وتسعى باريس لدفع الجزائر الى قبول عملية عسكرية دولية، لكن خبراء ودبلوماسيين يعتقدون ان الجزائر تستمع اكثر لصوت واشنطن التي لا تريد التسرع بحسب وكالة "فرانس برس". ويحتل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي وحلفاؤه جماعة انصار الدين وحركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا منذ نيسان/ابريل شمال مالي حيث فرضوا الشريعة الاسلامية وقسموا هذا البلد المتاخم للجزائر.