تنطلق الحملة الانتخابية للمحليات، اليوم، وستدوم 21 يوما، تكون فيها المنافسة غائبة في العديد من البلديات. وبالنظر للأجواء التي سادت عملية إعداد القوائم الانتخابية، يمكن القول إن الإدارة لعبت دورا كبيرا في تمكين غالبية بلديات الوطن من تجديد مجالسها المنتخبة. لم تتجاوز مشاركة أي حزب من الأحزاب المعارضة عتبة 300 قائمة انتخابية إلا بقليل، بينما دخل عكازا الحكومة (الأفالان والأرندي) في صراعات وحركات تصحيحية جعلتهما يعجزان عن إتمام ملفات مترشحيهما، ما جعل الإدارة تغض الطرف عن تطبيق القانون حيالهما. ويمكن من هذه الزاوية أن نعتبر دور الإدارة هذه المرة أكثر من ضروري لتجنب تنظيم دورتين انتخابيتين أو أكثر لاستكمال تنصيب المجالس المحلية. وإذا كانت الحملة الانتخابية للتشريعيات الماضية قد طغت فيها المنافسة بين شعاري المشاركة لإنقاذ البلاد من الخطر الأجنبي أو المقاطعة لإسقاط النظام، فإن حملة المحليات لا تعقد عليها الطبقة السياسية عندنا أي أمل سياسي، والكل يجمع على أنها موعد دستوري روتيني لن يغير من مواقع القوى العظمى التي تدق طبول الحرب على حدودنا الجنوبية، ولا على الحياة اليومية للمواطنين. كما فقد الإسلاميون الأمل في الفوز بالانتخابات بعد نكسة التشريعيات، في حين لم يخرج رئيس الجمهورية مجددا لدعوة المواطنين للمشاركة بقوة في هذه الانتخابات، ولم يشبهه بأول نوفمبر 54 أو أي تاريخ آخر غال عند الجزائريين، ولم يدعهم للتصويت على الشباب... بعدما شهد نسبة الاستجابة الضعيفة لدعواته في موعد 10 ماي الماضي. واقتصر الدعم الفوقي لتنشيط المنافسة الانتخابية ليوم 29 نوفمبر المقبل على رسالة الوزير الأول الموجهة، ليس للناخبين، بل للجنة مراقبة الانتخابات التي وضعت ثقتها في السيد سلال ليسهر على مراجعة النقائص المسجلة في الانتخابات السابقة. وسيكون موعد 29 نوفمبر، من جهة أخرى، آخر حلقة ينتظر المتتبعون للشأن السياسي الجزائري اختتامها لتفسح المجال للمواعيد الجدية المتمثلة في مستقبل الدستور والسباق لخلافة الرئيس بوتفليقة سنة 2014 إن لم يرغب في الترشح لعهدة رابعة أو يجد اجتهادا دستوريا يمدد بقاءه في الرئاسة، ويرفع عنه حرج التقدم لطلب صوت المواطنين لعهدة جديدة، عكس تيار التحولات السياسية التي تشهدها المنطقة العربية. الانتخابات المحلية الرابعة في عهد التعددية تمثل إذن عبئا على الحكومة التي تحرص على احترام المسار الانتخابي العادي منذ بداية استعادته سنة 95، وعبئا على الأحزاب المتنافسة التي تدرك مسبقا أن النتائج محسومة، لكنها لا تملك وسيلة أخرى لفرض وجودها في الساحة وتجنيد مناضليها والناخبين. ويمكن اعتبارها من جهة أخرى بمثابة آخر مباراة ودية لقياس درجة تجاوب المواطنين مع الانتخابات، ومدى إمكانية الاعتماد على هذا الحزب أو ذاك أو هذا التيار السياسي أو ذاك في المواعيد الحقيقية، أي استفتاء تعديل الدستور واختيار الرجل المناسب لقيادة البلاد في المرحلة القادمة.