التقيت منذ أشهر ديبلوماسيا أجنبيا يشتغل في الجزائر ودار بيننا حديث عن الأوضاع في المنطقة العربية والتطورات السياسية في الجزائر، وهذا ما قلت له وما قال لي: بداية لمته على كون العواصمالغربية تراهن على الإسلاميين، لأنهم يضمنون لها أكثر من غيرهم مصالحهم الاقتصادية.. أجابني الديبلوماسي: ''أنتم العرب مخطئون حين تعتقدون أننا نراهن على الإسلاميين، في المرحلة الحالية نحن بحاجة للإسلاميين لاستعادة النظام العام.. هم الأكثر تنظيما والأقدر على ذلك''. وماذا بعد: ''ستأتي مرحلة ما بعد الإسلاميين، لكن أن تعتقدوا بأن مصلحتنا مع الإسلاميين فهذا متناقض مع الطبيعة. نحن مع الديمقراطية والعصرنة...''. قلت للديبلوماسي: إذا كان هذا هو تفكيركم الحقيقي، فهو خبر سعيد. ''لماذا؟''.. لأن الجزائر في هذه الحالة دخلت مرحلة ما بعد الإسلاميين.. سألني الديبلوماسي إن كان الوزن الشعبي للأحزاب الإسلامية تراجع فعلا كما أظهرته الانتخابات التشريعية (الانتخابات المحلية مازال موعدها لم يصل بعد خلال اللقاء) أم أن تلك النتيجة مردها التزوير الانتخابي فقط، فأكدت له تجاوز الجزائريين تقسيم الساحة السياسية إلى أحزاب إسلامية وأخرى مناهضة للإسلام.. أجابني الديبلوماسي: ''إذا كان كلامك حقيقة فنحن فعلا أمام فرصة كبيرة لتجاوز المأزق''. قلت له: ''شرط أن لا تراهنوا على العهدة الرابعة''. وقال لي: ''هنا أيضا أنتم مخطئون حين تعتقدون أننا من نختار رؤسائكم''. قلت له: ''في أحسن الحالات أنتم تفضلون رئيسا على آخر''. فسألني عن رأيي في العهدة الرابعة وأجبته صراحة (دون شعور بخيانة البلاد) أن بوتفليقة التزم علنية بأنه ''عاش من عرف قدره''، وشرحت له كيف يقلد بوتفليقة الرئيس الفرنسي الأسبق شارل ديغول وكيف طالب بكامل السلطات، وإن لم يفعل مثل ديغول في 86 حين سلم عهدته للشعب الفرنسي، سيصعب على بوتفليقة النزول من الدرجة التي رفع نفسه إليها ويطلب مرة أخرى تصويت الشعب في مرحلة الربيع العربي.. قلت له أيضا: ''ربما سيمدد عهدته الحالية في تعديل الدستور القادم''. وسألت الديبلوماسي: ''من هو مرشحكم؟''. أجابني: ''لا نتدخل في شؤونكم، أنتم سادة في قراركم''. قلت له: ''من تفضلون؟''. سألني عن مولود حمروش. قلت له: ''حلم جميل''. أجابني: ''إنه فرصة كبيرة للعرب وللغرب في آن واحد''. وسألني عن باقي المترشحين الذين تتداول الصحافة أسماءهم، فدار بيننا نقاش عن حظوظهم في نيل رضا أصحاب القرار في السلطة، ولم نجد لهم صفات تجعلهم يلعبون دورا في راهن المنطقة العربية والمحيط الخارجي للجزائر وحتى في الداخل..