7 قتلى و771 جريح والقاء القبض على 150 في ليلة دموية بمصر في ليلة دموية شملت عمليات كر وفر وسقوط ضحايا جدد.. ليلة شبيهة ب''موقعة الجمل'' التي خرج فيها بلطجية نظام مبارك في ميدان التحرير، ممتطين الجمال لضرب وقتل المتظاهرين السلميين، ولا تختلف تلك الأحداث عن ليلة أمس الأول، التي حركها مؤيدي الرئيس مرسي، الذين توجهوا إلى قصر الاتحادية واعتدوا على القوى الثورية المعتصمة هناك.. مشاهد يندى لها الجبين، عندما ترى أبناء الوطن الواحد يغتال بعضهم بعضا، بعدما وقفوا، جنبا إلى جنب، من أجل إسقاط نظام فاسد، لكن يبدو أن هناك إصرارا على أن يكون الدم هو ثمن الحرية، وتسارع الأحداث الملتهبة يقود مصر نحو المجهول، ويبقى المشهد المصري على صفيح ساخن قابل للانتقال إلى العنف في أي لحظة. سبعة قتلى وأزيد من 770 جريح، واستقالة أربعة من مستشاري الرئيس المصري، هي حصيلة الأحداث الدامية التي دارت، أمس الأول، أمام قصر الرئاسة المصرية بمدينة مصر الجديدة، الذي صار محورا للصراع والمواجهات المتواصلة بين مؤيدي ومعارضي قرارات الرئيس مرسي، في ظل تمسك الطرفين بالاعتصام والتظاهر في محيط الاتحادية. كانت الأجواء هادئة إلى حد ما، مع نشوب اشتباكات بسيطة بين المتظاهرين المعارضين وقوات الأمن، بعدها قرر المتظاهرون الاعتصام أمام قصر الاتحادية ونصب الخيام هناك، وفي اليوم التالي قررت جماعة الإخوان المسلمين، الداعمة للرئيس مرسي وحلفائها، الزحف إلى قصر الاتحادية وطرد القوى المدنية والسيطرة على المكان، وكان لهم ذلك، لكن الثمن كان غاليا جدا، حيث عادت القوى المدنية، مرة أخرى، ونشبت اشتباكات عنيفة جدا، قسمت الشارع المصري، بين مؤيد ومعارض لقرارات الرئيس مرسي، على خلفية الإعلان الدستوري المكمل ومشروع الدستور الجديد، المزمع التصويت عليه منتصف الشهر الجاري.. وتم تبادل الاتهامات بين القوى السياسية، حيث وجه كل طرف أصابع الاتهام للطرف الآخر، بسعيه إلى زعزعة استقرار البلاد وهدم مؤسسة الدولة. ودعت المعارضة جماعة الإخوان المسلمين وحلفائها إلى مراجعة أنفسهم حقنا للدماء، واحترام إرادة الشعب ووقف الاستفتاء، وحمّلت الرئيس مرسي مسؤولية دماء المصريين، وتؤكد رفضها للحوار إلا بعد إلغاء الإعلان الدستوري ومشروع الدستور، ومهددة بتصعيد أكبر إن لم يتم الاستجابة لمطالبها. وفي المقابل، تهدد جماعة الاخوان المسلمين بالعنف ضد أي تظاهرة ضد الرئيس مرسي، وتؤكد أنها ألقت القبض على 83 ''بلطجيا'' خلال الاشتباكات أمام القصر الرئاسي، مساء أمس الأول، وأنهم اعترفوا بأن رموزا سياسية حرضتهم على إحداث أعمال عنف أمام الاتحادية، وأكدت الجماعة أنها قدمت بلاغات موثقة بالأدلة لدى النائب العام، ضد المتسببين في أحداث قصر الرئاسة، وكذلك في حرق مقراتها والاعتداء على بعض القيادات بالمحافظات، واصفة هذه الأحداث الدامية ب''المؤامرة'' للانقلاب على الشرعية. روايات عديدة تتصدر الشارع السياسي المصري، ومن المؤكد أنه هناك عددا من بقايا رموز النظام السابق، من رجال أعمال وسياسيين وإعلاميين، وغيرهم ممن يسعون لإجهاض الثورة والنيل منها، خوفا على مصالحهم الشخصية، لا على المصلحة العليا للوطن، كما إنه من الصعب جدا على الرئيس المنتخب، محمد مرسي، أن يزيل إرث الدولة العميقة التي عاثت في الأرض فسادا طوال 30 سنة أو أكثر، في أقل من ستة أشهر، وكان يجدر على قيادات الجماعة ألا يعطوا إشارة اللون الأخضر لأنصارهم، بالتوجه إلى قصر الاتحادية، حتى لا تنغمر مصر مجددا في بحر الدماء من الطرفين. رصاصة غدر تكسر قاع جمجمة أنبل ثوري في مصر الحسيني أبو ضيف، الصحفي بجريدة ''الفجر'' المصرية والمناضل والفدائي، الذي حمل قضية وطنه في قلبه، لم يقبض فلوسا من ''بلطجية'' مبارك، ولم يحمل سلاحا لمواجهة أنصار مرسي، سوى كاميرته التي ادخر جميع ما لديه وما كسب لشرائها، فكانت ترافقه أينما حل، يوثق بها مجريات وأحداث الثورة المصرية..''الحسيني'' شارك في ثورة 25 جانفي التي أسقطت مبارك لحظة بلحظة، وظل يناضل ويهتف ويتفاعل مع إخوانه، ويبيت في ميدان التحرير، إلى أن سقط مبارك، ولكنه ظل يتردد على ''إمبراطورية التحرير'' باستمرار، يتذكر أحداث الثورة والأيام العصيبة التي ضربت مصر تلك الأيام، وعاد مجددا إلى التحرير أيام الانتخابات الرئاسية، وفي جولة الإعادة التي كانت بين مرسي وأحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد مبارك، وكان على قناعة بأن الثورة لم تنته، وأن مشوار النضال لا يزال طويلا، وكان يتصدر الصفوف الأمامية في جميع المظاهرات، ويشهر قلمه ضد الفاسدين والمفسدين، كنت على اتصال دائم به ليطلعني على آخر الأخبار في الشارع السياسي وما يدور حوله، ويزودني بأرقام المناضلين الثوريين ويعرفني بهم، فكان نعم الصديق المخلص الشهم، بقلبه الكبير وطيبته التي لا تضاهيها طيبة في الوجود، وكان الحامي لكل أصدقائه، يعرف أماكن الخطر ويبعدهم عنها. الجمعة الماضية كانت آخر مرة ذهبت فيها إلى ميدان التحرير، اتصلت، قبل دخولي الميدان، بالحسيني لكن هاتفه الجوال كان خارج التغطية، وأنا أمشي في الميدان، وبالرغم من الأمان هناك، إلا أنني شعرت بالضيق والخوف الكبير، فكنت أمشي بخطوات مترددة أبحث عنه ذات اليمين وذات الشمال، ولكن دون جدوى، وأخيرا وجدت صديقته، المناضلة ميري دانيال، شقيقة الشهيد مينا دانيال، فالكل يحب الحسيني هناك، ويعرفه بمواقفه النبيلة وعدائه الشديد للفلول والإخوان، سألتها عن الحسيني فقالت لي إنها لم تره منذ فترة، وفجأة اندلعت اشتباكات بين المتظاهرين المعتصمين في التحرير، وعناصر، قيل لي وقتها إنهم من أنصار الإخوان، فساعدتني ميري على الخروج من الميدان حتى لا يمسني ضرر، لكن الحسيني واصل، ورفاقه في النضال، مشوار الحرية، وتوجه، مثل أي غيور على بلده، إلى قصر الاتحادية ليعبّر عن رفضه للإعلان الدستوري والدستور الجديد، وكتب آخر جملة على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي: ''هذه آخر تويتة قبل نزولي للدفاع عن الثورة بالتحرير، وإذا استشهدت لا أطلب منكم سوى إكمال الثورة نقطة''، وكأنه كان يشعر بمحاولة اغتياله، فقد اخترقت رصاصة غدر مقصودة دماغه، وتم الإعلان عن وفاته إكلينيكيا، حيث يتواجد في حالة خطيرة جدا، بسبب إصابته بتهتك شديد في المخ وكسر في قاع الجمجمة، وقد تخسر مصر أشرف وأنبل أبنائها، أهكذا نكافئ من يحب بلده ويحمل قضية التحرير في قلبه، لك الله يا حسيني وأدعو من الله أن يرحمك برحمته الواسعة. وفي ظل تسارع الأحداث، وتحسبا لوقوع اشتباكات جديدة، أغلقت قوات الحرس الجمهوري كافة الشوارع المؤدية إلى القصر بالأسلاك الشائكة، ونشرت عددا من الدبابات والمدرعات على مداخل الشوارع، وخلف الأسلاك الشائكة، للحيلولة دون وصول المتظاهرين الغاضبين إلى منطقة القصر، كما أخلت قوات الأمن العام المنطقة من المتظاهرين المؤيدين للرئيس محمد مرسي، بعد إقناعهم بفك الخيام والانصراف من المكان، ومغادرة المنطقة. وفي غضون ذلك، دعت عشرون حركة وحزبا سياسيا جموع الشعب للمشاركة في مسيرات سلمية حاشدة، اليوم الجمعة، من مختلف مساجد القاهرة والجيزة، بالإضافة إلى التظاهر والاحتشاد السلمي في كافة ميادين الثورة بمحافظات مصر، في مليونية ''الدم المصري حرام والشرعية للشعب''.