قيادي إخواني ل''الخبر'': التصويت ب''لا'' سيعيدنا إلى نقطة الصفر في جو يسوده انقسام سياسي واحتجاج شعبي، ووسط تواجد مكثف لقوات الأمن والشرطة، توجه أمس 25 مليون ناخب مصري إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الجولة الثانية والأخيرة من مشروع مسودة الدستور المثيرة للجدل، ليبقى السبيل الوحيد الذي يجمع المصريين هو الطريق إلى صندوق التصويت. للوقوف على مجريات مرحلة الحسم من الاستفتاء على دستور مصر، توجهت ''الخبر'' إلى حي الهرم بمحافظة الجيزة، التي تعتبر كبرى الكتل التصويتية في هذه المرحلة، هناك قابلتنا حشود كبيرة من السيدات وكبار السن، الذين اصطفوا منذ الساعات الأولى في طوابير انقسمت بين ''نعم'' و''لا'' للدستور الجديد، وعلى عكس المرحلة الأولى لمسنا نوعا من التحفظ في إبداء الرأي، ممزوج بتخوف ملحوظ لدى غالبية الناخبين الذين قابلناهم، بسبب الأحداث الدامية التي أعقبت هذا الدستور، منذ الانتهاء من كتابته ودعوة المواطنين للتصويت عليه. ورصدت غرفة عمليات مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، وغرف عمليات القوى والأحزاب الليبيرالية ومنظمات حقوق الإنسان، في تقاريرها العديد من التجاوزات والمخالفات، أبرزها التصويت الجماعي فى بعض اللجان، وعدم وجود قوائم ناخبين، وعدم تواجد موظفة داخل اللجان من عنصر نسائي للتحقيق من شخصية المتنقبات، وعدم توفير الحبر الفسفوري، ومنع عدد من المراقبين من دخول اللجان. وتتكرر الشكاوى وتتفاقم لقلة القضاة، بالرغم من إعلان اللجنة العليا للانتخابات عن تخصيص حوالي 10 آلاف قاض يتولون الإشراف على المرحلة الثانية من الاستفتاء على الدستور الجديد، وأن كل محافظة بها عدد كاف تحسبا لأي طارئ، على أن تعلن النتيجة النهائية الرسمية بعد غد الإثنين. الناخب المصري لم يقرأ الدستور متأثرا باستقطاب المعارضة والموالاة المفاجأة التي وقفت عليها ''الخبر'' في جولتها، تأكيد عدد كبير من الناخبين المصريين لنا، بعدم قراءتهم لمواد الدستور الجديد، لضيق الوقت وتأثرهم بحالة الاستقطاب الشديدة سواء من الموالاة، التي دعت للتصويت ب''نعم'' بحجة ''الاستقرار'' و''الأمن''، أو المعارضة التي دعت للتصويت ب''لا''، متذرعة بعدم توافق مواد الدستور وأنه يمنح صلاحيات كثيرة لرئيس ستجعل منه إلاها وديكتاتورا، ولا تراعي مصالح الفقراء والأقل فقرا، وهو ما أكده المحاسب ماجد، موظف بإحدى الشركات المصرية الخاصة، قائلا ل''الخبر''، ''تسارع الأحداث وكثرة المليونيات التي نظمها الطرفان، وبقاؤنا لفترة طويلة أمام شاشة التلفزيون لمعرفة الأخبار وما يجري على الساحة، حال دون تمكننا من قراءة مواد الدستور، واكتفى عدد كبير منا بسماع أو الانصياع لما يقوله كل طرف، ومع ذلك قررت المشاركة في الاستفتاء، وأنا لا أعرف إذا كان التصويت ب''نعم''، هو الأصح أم العكس''. وفي لجنة أخرى صادفنا سيدة منقبة حاملة بين يديها مجموعة من البيانات توزعها على الناخبات وتحثهم على التصويت ب''نعم''، وفي سؤال حول سبب حملها لهذه البيانات في الطابور، خاصة وأن مثل هذه التصرفات ممنوعة وتعتبر انتهاكا لقانون الانتخابات، توضح محدثتنا ''لقد سئمنا حالة الفوضى التي نعيشها، ولن نسمح لأي جهة مهما كانت أن تطيح بالرئيس الدكتور محمد مرسي، الذي جاء بإرادة شعبية، والشعب كله خرج إلى التحرير لتهنئته والاحتفال به أثناء تنصيبه رئيسا للبلاد، لذلك أقول ''نعم'' للدستور''. ليس بعيدا عن تلك السيدة المنقبة، تحدثنا إلى أخرى قالت إنها ستصوت ب''لا''، انتقاما من جماعة الإخوان المسلمين التي أباحت حسبها دماء المصريين التي سالت أثناء أحداث قصر الرئاسة، مضيفة بنبرة حادة ''لن نسمح بأخونة الدولة، وسنقف إلى جانب الشباب للدفاع عن الثورة ومكتسباتها لحين القصاص لجميع الشهداء''. من جهته، وصف الدكتور حسن يوسف عبد الغفار، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، وعضو الكتلة البرلمانية للجماعة سابقا، مسودة الدستور المطروحة على الاستفتاء ب''العظيمة''، وأن التصويت ب''نعم'' سيحقق الاستقرار للبلاد، موضحا في تصريح ل''الخبر''، ''على عكس ما يروّجه الرافضون للدستور، أرى أن هذا المشروع يحقق العدالة الاجتماعية وتحوي مواده على مميزات كثيرة، بالأخص للطبقة الوسطى والفقيرة، أما إذا كانت النتيجة ''لا''، فذلك سيعيدنا إلى نقطة الصفر، وإعادة تشكيل جمعية تأسيسية جديدة لكتابة الدستور، وسيقتطع منا أزيد من ستة أشهر من الزمن، وسيعطل إنشاء المؤسسات وبناء الدولة الجديدة''. واتهم محدثنا رجال الأعمال وبقايا رموز الرئيس المخلوع، بمحاولتهم إفساد الحياة السياسية وتعكير عملية الاستحقاق، وتأجير بلطجية لإحداث عمليات شغب وإثارة الفتنة في صفوف الشعب الواحد، قائلا إن الطرف الثالث الذي كثر الحديث عنه طوال الفترة الماضية، هو رجال أعمال مبارك ذوو المصالح الشخصية. وفي ظل تسارع الأحداث وتطوراتها على الساحة المصرية، تقدم نائب الرئيس المصري، المستشار محمود مكي باستقالته من منصبه، مؤكدا في بيان له، بأنه كان ينوي الاستقالة منذ شهر نوفمبر الماضي، إلا أنه أجلها، بسبب الحرب على غزة آنذاك.