اتّساع مدارك الحسّ لديه: أعدّ الله، سبحانه وتعالى، نبيّه المصطفى، صلّى الله عليه وسلّم، إعدادًا خاصًّا يُتيح له تلقّي الوحي من سيّدنا جبريل، عليه السّلام، ورؤيته والسّماع منه، وما يتّبعه من رؤية ما سواه من الغيبيّات، كالملائكة والجنّ والشّياطين، أو سماعه لعذاب القبر ونحوه، فكان من الطبيعي أن يسمَع ما لا يسمعه غيره، أو يبصر ما لا يبصره سواه. وقد دلّت الأحاديث الصّحيحة على أنّ النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، كان يرى الّذين يقفون خلفه في الصّلاة، كما أخرج الشيخان من حديث أنس بن مالك، رضي الله عنه، أنَّ النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، قال: ''أتِمُّوا الرّكوع والسّجود، فوالله إنّي أراكم من خلف ظهري، إذا ركعتُم وسجدتُم''. وروى أحمد والترمذي وابن ماجه عن أبي ذر، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''إنّي أرَى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطّت السّماء وحُقّ لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلاّ ومَلَكٌ واضع جبهته ساجدًا لله، والله لو تعلمون ما أعْلَمُ لضَحِكْتُم قليلاً، ولبكيتُم كثيرًا، وما تلَذَذْتُم بالنّساء على الفُرش، ولخرجتُم إلى الصّعدات تجأرون إلى الله''. + تنام عينه ولا ينام قلبه: جاءت بذلك الأحاديث الصّحيحة، ومنها ما رواه البخاري عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: يا رسول الله، تنام قبل أن توتر؟ فأجابها: ''تنام عيني ولا ينام قلبي''. + طيب عرقه وريحه ولين مسِّه: روى مسلم من حديث أنس بن مالك، رضي الله عنه، قال: دخل علينا النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، فجلس عندنا فَعَرِق، وجاءت أمّي بقارورة فجعلت تنشف ذلك العرق فتعصره في القارورة، فاستيقظ النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، فقال: ''يا أمَّ سليم، ما هذا الّذي تصنعين؟ قالت: هذا عرقك نجعله في طيبنا، وهو من أطيب الطيب. يقول أنس: وما شَممتُ مسكة ولا عبيرًا أطْيَب رائحة من رائحة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم''.