فتح استشهاد الأسير الفلسطيني عرفات جرادات، من جديد، ملف الأسرى الفلسطينيين وقساوة معاناتهم، لكن الظروف التي استشهد فيها طرحت، بقوة، إجرام الدولة العبرية في حق الفلسطينيين بصفة عامة، والأسرى بصفة خاصة، سيما وأن هناك مواثيق دولية تحميهم لأنهم أسرى في ظل الاحتلال.. استشهاد جرادات خلق حالة احتقان كبيرة وسط الشارع الفلسطيني، الذي تحرك بقوة، وترك انطباعا، لدى إسرائيل، أنهم على مقربة من تفجير انتفاضة جديدة، بالرغم من أن محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، قال بأنه لن يسمح بحدوثها، لكن برأي مراقبين فإن كلام عباس لن يثني انفجارا كل عوامله متوفرة حاليا. قضى تحت التعذيب في سجون الاحتلال جرادات.. شاهد جديد على إجرام إسرائيل استشهاد الأسير الفلسطيني عرفات جرادات تحت التعذيب بسجن مجدو، وبأيدي مجموعة ''العصافير'' من الجلادين الإسرائيليين كما يُطلق عليهم، ليس الأول ولن يكون الأخير، لكن استشهاده فتح، من جديد، وضعية مأساوية يعيشها آلاف الفلسطينيين في سجون الاحتلال الذين يعانون في صمت. كما يعري موقف الدول المنصّبة نفسها ''مدافعة عن حقوق الإنسان''، التي بدل أن تندد وتضغط على إسرائيل، لوقف ممارستها الخارجة عن القانون، تساوي بين الضحية والجلاد وتدعوهم لضبط النفس. عرفات جرادات من الأسرى الذين أفرج عنهم في صفقة الجندي الإسرائيلي شاليط، وتم اعتقاله بعد مشاركته في مظاهرات داعمة للأسرى، ولم يكن وحده ممن اعتقلته سلطات الاحتلال، بل الأسرى المحررين بالضفة الغربية ال14 دون استثناء. المعتقلون لم يكونوا ضحية اعتقال، بسبب دعمهم للأسرى، بل كانوا ضحية تعذيب، الذي خطف روح الشاب عرفات جرادات. يقول وزير الأسرى الفلسطيني في حكومة الضفة الغربية، عيسى قراقع، إن إسرائيل اعتقلت، منذ 1967، أكثر من مليون فلسطيني، ومنهم 124 نطقت في حقهم أحكام سجن تجاوزت 20 سنة. وتتحدث إحصائيات نشرتها مؤسسة ''الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان''، على موقعها الإلكتروني، أنه في شهر فيفري 2013، وصل عدد الأسرى الفلسطينيين في السجون والمعتقلات الإسرائيلية إلى 84812 أسير، من ضمنهم 178 أسير إداري، و12 امرأة أسيرة، و219 طفل أسير. هذه الأرقام، وإن تترجم حجم المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال الإسرائيلي وممارسته، التي لا تجد محاسبا ولا رادعا، تبقى عاجزة، في الوقت ذاته، عن الإبلاغ عن حجم المعاناة التي يعيشها الأسير الفلسطيني، الذي يتعرض لمختلف أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، عبر العزل الانفرادي والسجن الإداري والتعرض للحرمان من أبسط الحقوق. وأكثر من ذلك، فإن الكثير من الأسرى كانوا فئران تجارب خضعوا لتجارب طبية، على غرار الشهيد الأسير جمعة إسماعيل محمد موسى، الذي توفي بسجن الرملة في 2008 . ورغم كل التجاوزات المرتكبة في حق الأسرى الفلسطينيين، التي يواجهونها بالإضرابات عن الطعام ومعارك الأمعاء الخاوية بهدف لفت انتباه الرأي العام العالمي لوضعيتهم لإنقاذهم من مخالب السجون الإسرائيلية، لكن لا حياة لمن تنادي، ولا أحد يتحرك، حتى الدول العربية، التي إما تكتفي بإصدار بيانات شاجبة، أو تنظيم مؤتمرات لا تتعدى أصواتهم الحجرات والقاعات التي تنظّم بها هذه المؤتمرات. لكن روح جرادات حرّكت الشارع الفلسطيني، وخرج الآلاف للتظاهر والتنديد بالتجاوزات الإسرائيلية، ونشبت اشتباكات بين المحتجين والجيش الإسرائيلي، الأمر الذي دفع تل أبيب إلى دعوة السلطة الفلسطينية التدخل لتهدئة الأوضاع، خوفا من اندلاع انتفاضة ثالثة. هذه الانتفاضة، التي قال الرئيس محمود عباس عنها إنه لن يسمح بوقوعها، لكن الشيخ محمد حسين، مفتي مدينة القدسالمحتلة، قال إن ''الانتفاضة الثالثة انطلقت من داخل باحات المسجد الأقصى، ولا يمكن لأي شخص أن يتكهّن بما تحمله''.