تعدّ الإمامة في الأرض تمكّن وعزّ بعد صبر، قال الله تعالى: ''وجعلنا منهم أئمة يَهْدُون بأمْرِنا لمَّا صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون'' السّجدة.24 لأمّة يتميّز أفرادها بالقدرة على فرض النّفس، لا لكسولة تُؤثر الدنيا على الآخرة: ''ومَن يرغَب عن مِلّة إبراهيم إلاّ مَن سَفِهَ نفسَه ولقد اصْطفينَاهُ في الدّنيا وإنّه في الآخرة لَمِنَ الصّالحين'' البقرة.129 فهذا تمكّن رباني في الأرض وبشرى لخليل الله في الآخرة لأنّه كان يتحرّك بعقيدته، وفني في مشاهدة مولاه كتحرّك أمّة بكاملها. ومكّن الله بني إسرائيل على الفراعنة تمكّن الإيمان على الوثنية. والحقّ لا ينتصر بأيّ صورة، والباطل لا ينهزم بأيّ صورة. والأجدر بالبقاء الّذي يقرّر الحقيقة. والحق نفّاع: ''فأمّا الزَّبَدُ فيذهب جُفاء وأمّا ما ينْفَع النّاس فيَمْكُث في الأرض كذلك يضْرِبُ الله الأمثال'' الرعد.17 ويثقل في الميزان ويعطي النّاس فضائل وعزائم. وما قلَّد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أصحابه زمام قيادة العالم وأهله من بعدهم إلاّ أنّهم كانوا أمّة شورى وحقوق وحرية، فلا ينحني صلب إلاّ للحقّ جلّ علاه، وكلّ النّاس سيّد في نفسه. والجديرة بالوراثة الأمّة الّتي تغالي في عقيدتها ورهبتها من الله وتوكّلها على الله، والحبّ لله. والّتي تقدّم للإنسانية حرية بعد عبودية ونورًا بعد ظلام وهداية بعد ضلال، وإنّما ترث الأرض الأمّة المثقّفة المعزّزة بالقرآن والّتي تحوّل أسرار القرآن إلى نظريات تطبّقها في جميع مجالات الحياة.