تساءلت البروفيسور زهرة شنتوف منتوري إلى متى تبقى وزارة الصحة تحمل أيضا تسمية ''وإصلاح المستشفيات''، وهي المهمة التي أوكلت لها منذ سنة 2002. وقالت وزيرة الصحة السابقة، في ملتقى ''الاقتصاد والصحة'' المنعقد بوهران، ''إن أي إصلاح يرتبط بمدة محددة ولا يستمر إلى الأزل''. رسم المتدخلون في هذا الملتقى الذي نظمته وحدة البحث في العلوم الاجتماعية والصحة لجامعة وهران، أول أمس، صورة سوداوية عن واقع الصحة وتسييرها في الجزائر، حتى ''صار أقل المنتوجات الصيدلانية سعرا في أيامنا هذه، منعدما في المستشفيات، وهو الأدرينالين''، كما قالت البروفيسور منتوري. وجزمت المتحدثة بأن الصحة في الجزائر انهارت منذ سنة 1998، مع صدور القانون الذي سمح بالنشاطات التكميلية، وسمته ب''الفيروس'' الذي أصاب المنظومة الصحية في الجزائر التي تملك الهياكل والأموال ''لم يعد فيها للمواطن الحق إلا في أزمة قلبية واحدة تنقله إلى الدار الأخرى''. وأكدت البروفسيور أن هذا القانون ''حرم الجزائريين من حقهم الدستوري في العلاج المجاني''، بفعل تراجع خدمات المستشفيات العمومية التي يجري مرضاها وراء الأطباء والجراحين الذين يشتغلون في إطار هذا القانون في العيادات الخاصة. وقالت أيضا إن النظام الصحي في الجزائر تخلى عن أساسيات الممارسة العالمية المتمثلة في التوثيق والتوجيه وإقصاء دور الطبيب العام، وصار الخلاص الوحيد للمريض هو أن يتم نقله في ظروف خطيرة مستعجلة، لينقذه ''تعاطف'' المعالجين الذين يتكفلون بحالته بالسرعة المطلوبة. واستعرض الدكتور مروان بوخريصة، في هذا اليوم الدراسي، العلاقة بين النمو الاقتصادي والقطاع الصحي، فسجل أنه من المفروض أن يرافق ارتفاع نفقات الصحة العمومية نمو اقتصادي، بحكم الصناعات والنشاطات التجارية التي تصاحبهما، إلا أن العكس هو الملاحظ في بلادنا، كما قال، حيث تضاعفت النفقات بشكل كبير جدا مقابل تدني الخدمات المتوفرة للمواطن. وإذا كان الخبير الدولي محمد مازوني، المستشار السابق لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، يرى أن أي إصلاح لمنظومة الحكم يتطلب جيلين على الأقل، وقال إن برنامج الرئيس متكامل وصالح، إلا أن خللا ما يعيق انطلاقه. وشرح الخبير بالبيانات آليات الإقلاع، إلا أنه اندهش عندما استمع إلى محاضرات المختصين في القطاع الصحي وقال ''لقد تعلمت كثيرا من الأمور التي لم أكن على اطلاع عليها''، واستخلص أن ''الكنس يبدأ من أعلى السلم، إذا أردنا أن نهيئ الأرضية للإقلاع''. وكانت محاضرة البروفيسور المختص في الجراحة العامة، بشير بويجرة، من وهران، بمثابة ''التشريح المؤلم'' لواقع التكوين الطبي في الجزائر، حيث قال ''إن تخلي منظومة التكوين الطبي في الجزائر عن تكوين الطبيب العام متعدد الاختصاصات، وفتحها مئات التخصصات في طب الأعضاء، سبب شللا لمنظومة الصحية في بلادنا. ما الفائدة من التشخيص المبكر لسرطان الثدي في الصحراء أو المناطق الريفية، إذا كانت المريضة لا تفوز بموعد للعلاج إلا في نهاية سنة 2015؟''. وأضاف البروفيسور بويجرة أنه ''من المستحيل إحاطة التراب الوطني بنظام صحي فعال، في الوقت الذي لا تعتمد منظومتنا إطلاقا على الطبيب العام الذي من المفروض أن ترتكز المنظومة عليه''.