منعت قوات الأمن، أمس، مهنيي الصحة العمومية من الاقتراب من مدخل الوزارة الوصية، واستخدمت القوة لإجبارهم على التراجع نحو الساحة المقابلة، حيث تجمع ممارسو القطاع بالمئات وطالبوا برحيل الوزير زياري والتكفل الفعلي بالمطالب المرفوعة. كان المحتجون على وشك الدخول في مواجهات مع الشرطة التي كانت حاضرة بأعداد كبيرة مدعمة بالشاحنات التي استخدمت كحاجز بين مبنى الوزارة وموقع الاحتجاج، وهو ما أغضب المتظاهرين وزاد في إصرارهم على اختراق الحزام الأمني، يتقدمهم رؤساء التنظيمات النقابية. وخلال بضع دقائق كادت الأمور تأخذ أبعادا خطيرة، بعد تمسك رئيس نقابة الأطباء الأخصائيين، محمد يوسفي، بنقل الاحتجاج أمام البوابة الرئيسية لوزارة الصحة، وقبل ذلك صرح ل''الخبر'' أن الوزارة ذهبت بعيدا لما حاولت تغليط الرأي العام في قضية الحد الأدنى للخدمات الذي أمنه الأطباء طيلة أيام الإضراب، خلافا لما أدلت به الوزارة: ''ما قالته وزارة الصحة افتراء، ولو كانت حركتنا مجرد ''تخلاط'' فكيف لها أن تفسر إضراب جميع الأسلاك في آن واحد؟''. في نفس التوجه ألقى رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية، مرابط الياس، كلمة مطولة على جموع المتظاهرين القادمين من مختلف مناطق الوطن، أكد فيها أن الوزارة ''تلعب بالنار'' بسعيها إلى تأليب المواطن ضد مهنيي الصحة العمومية عوض معالجة المشاكل التي يتخبط فيها القطاع. وتابع قائلا إن كل المطالب العالقة ذات طابع مهني واجتماعي محض ''ولا علاقة لها بالسياسة''. وفي موقف أكثر حدة، اتهم رئيس النقابة الوطنية للأخصائيين النفسانيين، كداد خالد، وزارة الصحة بتحريض المرضى ضد عمال ومستخدمي قطاع الصحة، الذين يطالبون أصلا بتحسين الخدمات الطبية. وأضاف أن المريض يعاني على مدار السنة وليس فقط أثناء الإضراب، وتساءل في هذا الإطار عن خلفية عدم تحرك وزير الصحة لإنقاذ مرضى السرطان الذين أضحوا يموتون نتيجة تأخر مواعيد تلقي العلاج الكيميائي وليس بسبب خطورة المرض. من جانبهم، عبر المتظاهرون عن تذمرهم من الحوار الشكلي والوعود التي لا تتجسد مع تعاقب الوزراء: ''الصحة ماراهيش لا باس كي زياري كي عباس''، وطالبوا برحيل وزير الصحة، واعتبروا التعزيزات الأمنية التي قابلتها بهم الوصاية أكبر دليل على أن النخبة في الجزائر لا قيمة لها وتهان كل يوم أمام مرأى ومسمع الجميع.