ذكر أحمد بجاوي أن حرب الصورة بين الجزائروفرنسا، التي احتدمت مع فيلم ''الخارجون عن القانون'' للمخرج رشيد بوشارب، تعود إلى بداية الحملة الاستعمارية، واعتبر أنها جرت على شكل أحادي، أي من الطرف الفرنسي فقط، مرجعا أسباب عدم إقدام الجزائريين على تصوير لحظة مقاومة الاستعمار، إلى المعتقد الديني الذي يعتبر التصوير مسألة محرّمة، في حين تجاوز الغزاة هذه المسألة، مما أدى إلى وقوع عدم تكافؤ أثناء المواجهة. قال أحمد بجاوي، المختص في تاريخ السينما، في محاضرة ألقاها أول أمس، بالمتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر، في إطار معرض ''مصورو الحرب'': ''أرى أنه يوجد اليوم علاقة بين صور الاحتفال بمرور خمسين سنة عن اتفاقيات إيفيان، وتلك الصور التي أنجزها فنانون تشكيليون، أمثال هوراس فيرفي باعتباره الفنان الرسمي للحملة الاستعمارية، أو هيبوليت بولونجي، أو حتى أنطون سيمون فور، وادريان دوزات، الذي رافق الدوق دورليان في حملته بجبال جرجرة، وكلّهم جاؤوا على ظهر سفن الغزو، في مهمة واضحة، تشبه مهمة المصورون الصحفيون اليوم، بغرض تغطية وتعظيم وقائع الحملة الاستعمارية الفرنسية''. وأوضح بجاوي أن الصور التي رسمها فنانو الحملة الفرنسية على الجزائر، تذكرنا بالصور التي التقطها المصورون الصحفيون الأمريكيون، الذين رافقوا عملية غزو العراق. مذكرا أن الحملة الفرنسية على الجزائر لقيت دعم الكثير من المثقفين الفرنسيين آنذاك، على غرار فيكتور هيغو، الذي كان يدافع ويروّج لفكرة ''نقل التنوير إلى الأمم المتخلفة''، وأضاف أن الحرب الاستعمارية بدأت بالصور ولم تنته إلى غاية اليوم. وتعود المرحلة الثانية من مكانة الصور في تدعيم الغزو وخدمته، حسب بجاوي، إلى المرحلة الاثنوغرافية التي دعمت فكرة تفوق الجنس الأوروبي، واعتبر أن صور تلك المرحلة تركز ''فحولة النظرة الاستعماري''. وذكر بجاوي في محاضرته، أن هذه الصورة لا تختلف عن الصور التي جسدها الغزاة الأمريكيون أثناء تصوير الهنود الحمر، الذين حولتهم هوليوود إلى مجرد شعب مفترس ومتوحش. وأضاف بجاوي في ذات السياق: ''سعدت كثيرا وأنا أشاهد فيلم رشيد بوشارب الأخير ''فقط مثل امرأة'' ذلك التعامل الإيجابي مع شخصية الهندي، فقد أظهره في صورة إنسان فخور وأصيل''. كما تحدث بجاوي عن غياب الجزائري في صنع صورته، مذكرا أنه كان يجب انتظار سنة 1937لكي تبرز مكانة الفنان الجزائري في صناعة الصورة، وحدث ذلك لما أسند المخرج السينمائي جوليان دوفيفيي مهمة تأليف موسيقى فيلم ''بيبي لوموكو'' للموسيقار محمد إيغربوشان، الذي عمل بالتعاون مع فانسون سكوتو، وقال بجاوي: ''رغم غياب الأهالي في هذا الفيلم، إلا أنه يشكل بداية الموجة الفنية المناهضة للاستعمار''. وأضاف: ''وبقي الطرف الجزائري غائبا في صناعة الصورة إلى غاية مجيء الطاهر حناش وجمال شندرلي''. موضحا أن مرحلة النضال بواسطة الصورة لدى الطرف الجزائري بدأت فعليا سنة1957، بحيث لازمت الكاميرا البندقية وأصبحت جزء من العمل الثوري. وختم بجاوي محاضرته قائلا: ''الحرب انتهت، لكن حرب الصورة لا تزال مستمرة''. وتساءل عن مصير الأرشيف السينمائي الجزائري الذي نقل إلى الكاليتوس، في وقت تستمر فيه فرنسا في استعمال الصورة، وفق أفكار موجهة بدليل أنها احتفلت بالذكرى الخمسين لاتفاقيات إيفيان، وليس لاستقلال الجزائر.