سؤال: سيدة تسأل عن حكم الشّرع بانشغال النّاس بغيبة غيرهم؟ l إنّ حصائد اللّسان قد ترفع العبد إلى أعلى الدرجات، وقد تهوي به في أسفل السّافلين. عن عبادة بن الصامت أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أشار إلى فيه وقال: "الصمت إلاّ من خير، فقال له معاذ: وهل نؤاخذ بما تكلمت به ألسنتنا؟ فضرب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فخذ معاذ، ثمّ قال: "يا معاذ، ثكلتك أمُّك، وهل يُكَبُّ الناس على مناخرهم في جهنم إلاّ ما نطقت به ألسنتهم... فمَن كان يؤمن باله واليوم الآخر فليُقُل خيراً أو ليَسْكُت عن شرّ، قولوا خيراً تغنموا واسكتوا عن شرّ تسلَموا" رواه الحاكم وهو صحيح. ومن حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: "إنّ العبد ليتكلَّم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بَالاً يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلَّم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم" أخرجه البخاري ومسلم. والغيبة بذِكرك أخاك بما يَكرَه من أخطر آفات اللِّسان التي يجب أن يتجنبها المسلم، قال صلّى الله عليه وسلّم: "المسلم مَن سَلِم المسلمون من لسانه ويده" أخرجه البخاري ومسلم. فالغيبة مُحرَّمة قليلها وكثيرها، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "يا رسول الله، حسبُك من صفية كذا وكذا"، قال أحد الرواة تعني قصيرة، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: "لقد قلتِ كلمة لو مُزجَت بماء البحر لمزجته" رواه أبو داود والترمذي وهو صحيح. وعن ابن عمر قال: صعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المنبر فنادى بصوت رفيع: "يا معشر مَن آمَن بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتّبعوا عوراتهم، فإنه مَن يتّبع عورة أخيه المسلم تَتبَّع الله عورته، ومَن تَتبَّع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله" رواه الترمذي وهو حديث حسن. نسأل الله أن تكون هذه الأحاديث سبباً في توبة وإقلاع الجميع عن هذا الفعل، لما يترتَّب عليه من العذاب الشديد يوم القيامة، ومن المؤسف أن الغيبة أصبحت في زماننا فاكهة للكثيرين إلاّ من رحم ربي، وقد قال عزّ وجلّ: {ولاَ يغْتَب بعضُكم بعضاً أيُحِبُّ أحَدُكُم أن يأكُل لحمَ أخيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُموه} الحجرات: 12.