في مشهد يتسم بالهدوء الحذر ومغلّف بعنف متوقع، بعد ليلة دامية واشتباكات عنيفة بين أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي ومعارضيه، أسفرت عن سقوط 37 قتيلا وأزيد من ألف جريح، واصل كلا الفريقين حشد أنصارهما في الميادين، في مشاهد لاستعراض القوة، وهي المرة الأولى التي ينقسم فيها الشارع المصري بهذه الحدة، فصيل يؤكد على أن الشرعية بعودة الرئيس المنتخب لمنصبه، وآخر يقول إن الشرعية للإرادة الشعبية التي أطاحت بنظام الإخوان، وسط واقع مرشح للانفجار وملطخ بالدماء. واقع أليم تعيشه مصر، وأفراد الشعب الواحد يبثون سموم الفتنة ويتحاربون من أجل “الشرعية”، الشرعية التي قال الرئيس المعزول إنه سيفديها بدمه، وتراها المعارضة في أصوات المصريين الذين خرجوا للشارع لإنهاء نظام الإخوان. وفي خضم هذه الأحداث الأليمة، ينزف الدم المصري ويرتفع عدد القتلى والمصابين، حيث شهدت شوارع القاهرة وبعض المحافظات مناوشات عنيفة بين معارضين وموالين للدكتور محمد مرسي، انطلقت بعد توجه المئات من أنصار مرسي إلى مبنى إتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري “ماسبيرو”، وترددت أنباء عن اقترابهم من ميدان التحرير، وبالضبط في منطقة عبد المنعم رياض، لتبدأ مشاهد الاشتباكات حيث قام متظاهرو ميدان التحرير بالتصدي لهم ومنعم من الاقتراب من الميدان، بعدما قام بعض منهم مستقلين دراجات نارية بالاقتراب من الميدان لإخافة المتظاهرين، وأطلقت حملة تمرد دعوات لجميع أنصارها بالاحتشاد بالميدان وعدم تركه. حماس قوى الموالاة تضاعف، بعد الكلمة التي ألقاها المرشد العام للجماعة، الذي حث أنصاره بسلمية التظاهر وعدم العودة إلى منازلهم لحين عودة مرسي إلى منصبه، حيث توجه شباب الإخوان لماسبيرو للتعبير عن امتعاضهم من طريقة معالجة الأحداث التي تقوم بها إدارة القنوات المصرية، وتجاهلها لتظاهراتهم، لتتحوّل مظاهراتهم إلى اشتباكات بينهم وبين سكان المنطقة الذين تصدوا لهم وطردوهم من المكان، والتحق بهم معارضو مرسي، فتحوّل المكان إلى معركة بكل المقاييس، انتهت بمقتل 12 شخصا وإصابة العشرات، نفس الأحداث عاشتها مختلف المحافظات، خاصة الإسكندرية، ليصل إجمالي عدد القتلى، حسب وزارة الصحة، ل37 قتيلا وأزيد من ألف جريح. الجماعة تحذّر من محاولات جر المتظاهرين السلميين للعنف وحذّرت جماعة الإخوان المسلمين مما وصفته بمخطط جر ملايين المتظاهرين الرافضين ل”الانقلاب العسكري” للعنف، وناشدت ملايين المصريين المتواجدين في الميادين بشكل سلمي، الحذر من كل محاولات إفساد المشهد الحضاري، عن طريق افتعال بؤر للعنف من قبل جهات تستخدم البلطجية والتي باتت لا تخفى على أحد. ودعا التحالف الوطني لدعم الشرعية، جموع الشعب المصري للمشاركة في مليونية حاشدة، اليوم الأحد، في ميادين الاعتصام بمحافظات مصر، وميدان رابعة العدوية ونهضة مصر ودار الحرس الجمهوري بالقاهرة، تحت عنوان مليونية “استعادة الثورة” لرفض ما أسموه “الانقلاب” الذي قام به وزير الدفاع واسترداد حرية الشعب المصري. وواصل المئات من أنصار الجماعة تظاهرهم أمام دار الحرس الجمهوري، التي يعتقد بأن الرئيس المعزول متواجد بها، وسط انتشار المئات من قوات الجيش تحسبا لاجتياز المتظاهرين الحواجز التي وضعتها قوات الأمن، متهمين الأجهزة الأمنية بإثارة العنف والاستمرار في التظاهر حتى عودة الشرعية. وفي غضون ذلك، يستمر سيناريو الاعتقال الذي طال قيادات إسلامية، حيث تم القبض، ليل أمس الأول، على المهندس خيرت الشاطر، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، بتهمة التحريض على قتل المتظاهرين السلميين، ويستمر غلق القنوات الفضائية الموالية لنظام مرسي وجماعته. المتمردون يدعون لمليونية الشرعية الشعبية وفي المقابل، تدفق آلاف المتظاهرين إلى ميدان التحرير استجابة لدعوة حركة “تمرد”، وتم غلق جميع مداخل ومخارج الميدان، ونشر عشرات اللجان الشعبية التي تقوم بتفتيش الوافدين على الميدان، تحسبا لدخول المندسين. ويواصل المتظاهرون احتفالاتهم بالميدان لما اعتبروه انتصار الإرادة الشعبية، ونددوا بما وصفوه محاولة مؤيدي مرسي إثارة العنف وترهيب المواطنين والدعوة للاقتتال، وناشدوا قوات الجيش والشرطة حمايتهم. ودعت حملة “تمرد” جماهير الشعب المصري إلى الاحتشاد اليوم، في ميادين الثورة، تحت شعار “مليونية الشرعية الشعبية”، حيث سيتوجه المتظاهرون في مسيرات صوب ميدان التحرير وأمام قصري الاتحادية والقبة الرئاسيين. النور السلفي يرفض الإعلان الدستوري الجديد وأعلن حزب النور السلفي عن رفضه لأول إعلان دستوري أصدره رئيس مصر المؤقت، مطالبا بتشاور مجتمعي وسياسي قبل إصدار أي إعلانات دستورية أو قرارات مهمة. وقال الحزب، في بيان له، إن “تحركات ومواقف حزب النور الذي رفض التظاهرات المؤيدة لمرسي، والمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة، كان من منطلق الحفاظ على دماء المصريين وأرواحهم ووحدة النسيج المجتمعي المصري”. وأضاف: “لكن خلال المتابعة لما يجري على أرض الواقع في اليومين الماضيين، لوحظ أن هناك عددا من الأمور يعلن الحزب تبرؤه الكامل منها ورفضه لها”.