يشكّل البدو الرحل المشتتون عبر المساحات الرعوية، نسبة هامة من تعداد سكان ولاية النعامة ذات الطابع السهبي. ورغم ما عرفه القطاع من إنجازات لتوفير الاستقرار لهذه الفئة، إلا أن الحط والترحال يبقى ميزة يمارس بها البدو نشاط التربية الحيوانية، حيث الماء والكلأ لمواشيهم التي تعد رأس مالهم وأهم ما يملكون. وتكاد يوميات رمضان عند البدو الرحل تكون متشابهة من البيوض شمالا إلى الفرطاسة جنوبا، تتقاطع في عادات وتقاليد واحدة، رغم تقلبات الزمن التي أفقدت رمضان الكثير من الخصوصيات التي كان ينفرد بها قديما، حسب ما رواه الحاج بوعلام، حيث لاتزال ذاكرته تحتفظ بالكثير من الأمور التي كانوا يقومون بها رغم عوامل السن والمرض “كنا نقضي يومنا في رعي الماشية نتنقل بها من مكان إلى آخر عبر المساحات الرعوية، ثم نقودها إلى موارد الماء، ولن نعود إلى الخيم إلا قبيل موعد الإفطار بلحظات قليلة وهي الفترة التي نتعرف عليها بلون السماء جهة الغروب”. أما سي عبد الرحمان كما يناديه الموالون الذين التقتهم “الخبر” في السوق الأسبوعية للمواشي بالعين الصفراء، والذي مازال يعيش في خيمته نواحي مغرار، فله حكاية أخرى مع رمضان تصنع يومياته في هذا الشهر، حيث يروي: “لا مجال للمقارنة بين رمضان الأمس واليوم عندنا نحن سكان البادية والخيم، نقضي نهارنا في الرعي والتنقل عبر الأحراش، وعندما نعود تتبدّد كل المتاعب”. أما عن السهرات الليلية، فيقول سي عبد الرحمان إن أمورا كثيرة تغيرت في حياتهم في هذا الشهر المعظم بفضل التطورات التي عرفها عالم الريف “ولشاحنة “الجاك” عند الموالين ألف حكاية وحكاية، لأنه ينقل صهاريج الماء إلى الخيم ويشحن الماشية إلى الأسواق وينقل المواد الغذائية وحتى الشامية والزلابية”، قالها بابتسامة عريضة. ومن هنا، فإن ليالي البدو الرحل لا تحلو فيها جلسات السمر التي تطول إلى موعد السحور إلا بالصينية وإبريق الشاي بالنعناع وصحون الفول السوداني وبعض أجبان الماشية.. ومع رشفات الكؤوس تتنوع أطراف الحديث إلى غاية حضور أطباق “السفة” المزينة بالسكر والقرفة وحبات الزبيب ومعها أكواب الحليب واللبن، ديكور لا يتجدد إلا في أيام الصيام.