أضحت ”ديترويت” التي كانت تعرف برمز صناعة السيارات في الولاياتالمتحدة أكبر مدينة تعلن إفلاسها كمؤشر على الأزمة القائمة في أهم اقتصاد عالمي منذ ما يعرف بصدمة الديون السيادية وفقاعات المضاربة العقارية. ورغم رمزية الإجراء المعلن عنه من قبل حاكم ولاية ميشيغان ”ريك سنايدر”، إلا أن الإعلان عن الإفلاس ووضعها تحت وصاية فدرالية وفق قانون الإفلاس يعكس مدى الصعوبات التي يعاني منها الاقتصاد الأمريكي الذي لم ينجح بعد في تخطي آثار الأزمة المالية والاقتصادية منذ أكثر من 6 سنوات. ولكن أيضا أزمة قطاع السيارات الذي يشكل نسبة كبيرة من الصناعة الأمريكية برموزه ”جنرال موتورز” و ”فورد” و ”كريسلر”، ويأتي الأجراء بعد الارتفاع الكبير للديون على ديترويت المقدرة ب18.5 مليار دولار، علما بأن حكومة الرئيس أوباما افتكت إجراء خاصا من الكونغرس يسمح بتجاوز السقف المحدد له في مجال الاستدانة والمقدر ب16400 مليار دولار والذي تم تسجيله في 31 ديسمبر 2012،كما استفاد من تدابير خاصة للاقتطاع من الميزانية تصل مع نهاية سبتمبر إلى حوالي 85 مليار دولار، في محاولة من الرئيس الديمقراطي التخفيف من حدة الأزمة، خاصة بعد أن بلغ العجز العمومي أكثر من 1000 مليار دولار، وترغب حكومة أوباما في تقليصها إلى حدود 850 مليار دولار هذه السنة وتخفيض العجز العمومي إلى حدود 4% من الناتج المحلي الخام عوضا عن 7% حاليا. ولكن وضعية عدد من المناطق يزيد من أعباء الحكومة الأمريكية، حيث يمكن أن تضطر لدعمها لتفادي وضعية التخلف عن السداد لقسم من مستحقات هذه المناطق أو المدن. وترافق تراجع ديترويت الاقتصادي والمالي مثلا مع مشكلات اجتماعية مع نزوح نصف سكان المدينة إلى مناطق أخرى وهو ما يؤثر سلبا في هذه الأخيرة من حيث نسب الشغل أيضا، حيث إن نسب البطالة بلغت 7.6%. فلم يعد بوسع البلدية ضمان تأمين الإنارة العمومية في الشوارع موازاة مع وضعية سيئة لجزء من العقار، ويرتقب أن يعرض إشهار الإفلاس على أحد القضاة للبت في إمكانية استفادة المدينة من الحماية وفق قانون الإفلاس الذي يسمح بإعادة التفاوض حول ديونها ووضع رزنامة للتسديد.