النشاط التكميلي أحدث شرخا في منظومة الأجور بالقطاع العمومي أحال مكتب المجلس الشعبي الوطني مؤخرا مقترح القانون الخاص بإلغاء النشاط التكميلي في الصحة على الوزارة الأولى لإبداء رأيها فيه، وهي مبادرة من النواب تهدف إلى وقف التجاوزات المسجلة على مستوى المستشفيات العمومية، بعد عجز الوزراء المتعاقبين على القطاع عن فتح الملف بضغط من “لوبيات” تسيطر على المؤسسات الاستشفائية العمومية باعتراف من هؤلاء، وهو ما لم يتردد في ذكره الوزير الحالي حينما قال” لا أريد فتح جبهة على نفسي”. قال رئيس الكتلة البرلمانية لتكتل الجزائر الخضراء خبابة يوسف ل “الخبر”، إن مقترح قانون إلغاء النشاط التكميلي في الصحة موجود حاليا على مكتب الوزير الأول عبد المالك سلال لدراسته والموافقة عليه، تبعا للحملة الكبيرة التي شنها الأطباء الممارسون ضد ما اعتبروه “سرطانا” ينهش جسد القطاع العمومي منذ سنوات. وقال نفس المتحدث إن المقترح الذي جاء بمبادرة من نواب البرلمان من مختلف الكتل، من شأنه إعادة التوازن إلى المستشفيات العمومية ووقف الخلل الذي زاد من تعقيد وضعية قطاع يعاني من كوارث في التسيير وفوضى كبيرة، كانا وراء تراجع نوعية التكفل بالمريض، وأسس أصحاب المقترح مطلبهم على “البحبوحة” المالية التي يعرفها القطاع تبعا للزيادات الكبيرة في أجور مستخدميه خاصة الاستشفائيين الجامعيين، باعتبارهم الشريحة التي استفادت في البداية من تطبيق النشاط التكميلي. وبناء على ذلك حسب خبابة، فإنه لم يعد هناك أي داع أو حجة للإبقاء على هذا النشاط الذي أملته في التسعينات ظروف اقتصادية صعبة كانت تمر بها البلاد وقتها، حين سُمح لأطباء القطاع العام بالعمل وفق شروط محددة في العيادات الخاصة، غير أنه خلق شرخا كبيرا في أجور مختلف أسلاك الصحة، بعد أن امتد العمل به إلى فئات أخرى بطريقة غير قانونية، في ظل غياب كلي لرقابة الوصاية، ما فتح الباب واسعا أمام ممارسات شوّهت نوعية الخدمة العمومية، كالتغيب عن العمل في المستشفيات والمؤسسات الصحية، وهو ما كان محل تذمر وشكاوى من قبل مهنيي القطاع في ظل عجز الوزراء المتعاقبين عليه عن تسيير هذا الملف. وبحسب محدثنا، فإن نواب تكتل الجزائر الخضراء عقدوا لقاءات مكثفة مع ممثلي نقابات الصحة بطلب من هؤلاء، حيث تم مناقشة هذه المشكلة والخلل الكبير الذي تسببت فيه على مستوى المؤسسات الاستشفائية العمومية، إضافة إلى حالة الانسداد التي تميز العلاقة بين وزارة الصحة والشركاء الاجتماعيين، وهي نفس الملفات التي تم التطرق إليها خلال لقاء جمع النواب بوزير الصحة، “حيث تبين وجود قناعة ونية كبيرة لإلغاء النشاط التكميلي.. غير أن مسؤولي الوصاية تجنبوا فتح جبهة على القطاع في الوقت الراهن”. وكان وزير الصحة السابق جمال ولد عباس، قد وجه تعليمة صارمة بمجرد توليه منصبه على رأس القطاع، تمنع مزاولة النشاط التكميلي في العيادات الخاصة، من خلال تضييق الخناق على رؤساء المصالح والأخصائيين الشاغلين لمناصب مسؤولية في القطاع العمومي، حيث فرض أوقات عمل محددة، على أن يتعرض كل مخالف لهذا التوقيت لعقوبات قد تصل حد الطرد من العمل. وهي خطوة قوبلت برفض شديد من الأطباء المعنيين بالنشاط التكميلي، ما يفسر فشل الوزير ولد عباس في إحكام سيطرته على هذه الفئة، حيث بقيت تعليماته مجرد حبر على ورق مركون في أدراج مسيري المؤسسات الاستشفائية العمومية، ما يفسر مطالبة عمادة الأطباء بتدخل رئيس الجمهورية لوضع حد لهذه الضغوطات واتخاذ قرار “شجاع” لوقفه نهائيا، لأنه من غير المقبول حسب رئيسه محمد بقاط “أن تنشأ عيادات خاصة وتكبر على أنقاض قطاع الصحة العمومية”.