لا بد من قيادة نوعية في الأرندي وإلا سنبيع ونشتري / لحسن الحظ لم يمرض الرئيس أثناء عملية تيڤنتورين الشيخ شمس الدين مستهتر وأنزل من قيمته كإمام / فقه المقاصد نشأ عندنا وليس في المشرق / قناة ال "أم بي سي" تقدم لنا "فتاوى الحمّام" يبدو وزير الشؤون الدينية والأوقاف بوعبد الله غلام الله مطلعا حتى على أدق التقنيات الاقتصادية، حيث تأسف لغياب البورصة التي بإمكانها تنشيط القطاع الوقفي أكثر من خلال شراء أسهم في الشركات الكبرى. واغتنم غلام الله لقاءه مع "الخبر" ليفتح النار على الشيخ شمس الدين بوروبي الذي وصفه ب "المستهتر"، وعلى غير عادته لم يتردد في الخوض في أمور السياسة كما هو الشأن بالنسبة لوضعية حزبه "الأرندي" ومرض الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. نحن على أبواب عيد الفطر المبارك، كيف ستتعاملون مع مَن يدعو النّاس إلى إخراج زكاة الفطر حبوبًا عوضًا عن المال؟ هذا النوع من التفكير في رأيي هو تفكير متخلّف، لأنك إذا أتيت بأي إنسان فقير وتقول له هل أعطيك 5 كغ سميد أو 2 كغ عدس أم 100 دينار، ماذا تفضّل؟ سيفضّل 100 دينار. إذا كان المواطن الجزائري الفقير تفرض عليه السميد فإنه سيرفضه، ويقول لك لقد استفدت من هذه المادة في قفة رمضان، وأنا عندما تعطيني القمح فأين الرحى التي سأطحن فيها؟ لأن هذا الرأي هو في الحقيقة عقلية متخلفة، وأصحابها المتمسكون بها يظنون أنهم متمسكون بالسنة، فالسنة ليست في شكلها، وإنما السنة في المقاصد، ويجب أن يعلموا أن فكرة المقاصد هي فكرة مغاربية وليست مشرقية، لأن الشاطبي هو من أسس فكرة تحويل الإسلام إلى مقاصد، كذلك تحويل الفقه الإسلامي إلى قواعد، هذا نشاط فقهي مغاربي. لماذا؟ لأن الفكر متنور، وهو الذي يمكن أن يتطور ويتلاءم مع الواقع ويحافظ على المقاصد الإسلامية، والرسول صلّى الله عليه وسلّم يقول ”إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم”.. أنت عندما تدفع زكاة الفطر تريد بذلك أن ترضي هذا المواطن المحتاج، فما الشيء الذي يحتاج؟ هذه نقطة. والنقطة الثانية، أنا رأيت في مكة أو المدينة، يعطون للفقير صرة فيها أرز فيها 3 كغ، والعائلة التي فيها عشر أفراد في عائلته يأتي ب10 صرات يعطيها لفقير أو اثنين، والفقير يذهب إلى المتجر فيبيعها له بنصف ثمنها، ثم ماذا يفعل ذلك التاجر؟ سيبيعها لذلك الفقير المزكي بضعف ثمنها. فهذه التجارة تتم على حساب الفقير. فهل هذه هي السنّة؟ ولو سئل الرّسول صلّى الله عليه وسلّم عن هذه الحادثة، فماذا سيكون جوابه؟ ربما نختلف، يجب تفضيل مصلحة الفقير، وليس لدينا في الجزائر من لا يملك قوت يومه، إذن المحتاج عندنا يحتاج ذلك المال لشراء ملابس لأبنائه. الفقهاء لما أفتوا بإخراج زكاة الفطر نقدا انتقلوا من الفكر البدوي إلى الفكر المدني، ونحن عندما كنا في البادية كنا نخرجها قوتا، لكن الآن الإنسان يذهب إلى المخبزة لشراء الخبز، ويذهب للحانوت ليشتري ما يحتاج من مأكولات. لنعمل استفتاء للفقراء ونرى ماذا ينتظرون، ولجنة الفتوى عندنا فكّرت في هذا التطور أما أصحاب نظرية الحبوب فموقفهم متصلب ولا يريدون سوى أن يختلفوا مع النظام السائد. وماذا بشأن صلاتي التهجد والاعتكاف؟ الاعتكاف ليس فرضًا، وليس في درجة السنة كصلاة التراويح، كما أنّ التّراويح ليست فرضًا وإنّما مستحبة، لكن هذا الاستعداد جرى عليه الأمر في عهد الرسول عليه الصّلاة والسّلام ثمّ عهد الصّحابة رضي الله عنهم، وانتشر في البلاد وأصبح سُنّة منتشرة في جميع البلاد الإسلامية. أما التهجد، فيمكن أن يكون في البيت، ونحن لا نريد أن نفرض على الإمام عملا إضافيا خاصة أن الخريطة المسجدية غير مكتملة، فالإمام يأتي لصلاة الفجر، ثمّ يصلّي باقي الصلوات في المسجد مع النّاس ثم يأتي ليصلي صلاة التراويح، وبعدها تقول له ”اسهر معي أو اترك لنا المسجد واذهب”. المشكلة هنا تكمن في ترك المسجد ولذلك لم نجعل التهجد من مقتضيات الإمامة. إذا رأى الإمام من نفسه القدرة ويبقى مع الناس لصلاة التهجد أو قيام الليل فهو حر، أو يرى من يساعده من الموظفين الرسميين. أما إذا لم يجد هؤلاء من أنفسهم القدرة على مواكبة هذا النوع من العبادة، فلهم الحق في أن يمتنعوا عن فتح المسجد لهذه العبادة. كل هذه السلوكات ناتجة عن فتاوى ومرجعيات تأتي من بلدان يختلف واقعها الاجتماعي والثقافي عن مجتمعنا، ولحد الساعة لم نر نتائج ملموسة لسياسة وزارة الشؤون الدينية لمواجهة هذه المرجعيات. كيف تفسرون ذلك؟ هذه المشكلة قديمة تعود للفترة التي كانت فيها المساجد مؤطرة بأئمة ليسوا مؤهلين للإمامة. وعندما أقول ليسوا مؤهلين للإمامة هذا لا يعني أنهم لا يعرفون الفقه أو لا يعرفون شروط الإمامة، بل هم لا يعرفون الإمامة كمهنة، تماما مثلما حدث مع التعليم، حيث كنا نحضر كل من يعرف الكتابة والقراءة ليعلم أبناءنا وهؤلاء في الحقيقة لم يكونوا معلمين. الآن الحمد لله كل سنة هناك عدد معين من الأئمة المؤهلين يضاف إلى مساجدنا، ولذلك هذه الظاهرة بدأت تنقص. من الطبيعي أن يكون هناك تواصل بسبب السفريات وبسبب الحج والعمرة والفضائيات.. فمثلا عندما نرى أحدا في مكة يتوجه لشرب ماء زمزم بعدما يقيم الإمام الصلاة، هل يعني هذا أننا في الجزائر يمكن فعل نفس الشيء؟ هذا ليس من الدين وأنا أسمي هذه المظاهر تقاليد، لأن مكة يصلي فيها ملايين الناس فلا يستطيع إمام واحد أن يسيرهم. لذلك هناك عدة أئمة وحراس يسهرون على أمن الناس وليس على صلاتهم إن كانت مقبولة أم غير مقبولة. أما عندنا فالأمر مختلف ومساجدنا ينبغي أن يكون فيها التوجيه دينيا وأخلاقيا، ومن يدخل المسجد عندنا يجب تكون عبادته مقبولة. الشباب الذين يقلدون مساجد مكة أو غيرها لا يدركون هذه الفوارق وزد على ذلك هم ليسوا فقهاء ولا مطلعين لكنهم للأسف يرون أنفسهم على علم بكل شيء. وما زلنا أيضا نعاني من الظاهرة التي عشناها بين سنتي 85 و95 وما زال السؤال مطروحا حول من المسؤول عن المسجد؟ فهناك من يرى أن المسجد مكان مشاع لا دخل للدولة فيه. حدثت لنا حادثة في دالي إبراهيم بالعاصمة حيث بادر مواطنون ببناء مسجد وطلبوا منا أن لا نعين لهم إماما ونتركهم يسيرونه بأنفسهم... فتوجه إليهم مفتش شرح لهم أن هذا المسجد بني على أرض الجزائر ومثلما يخضع الفندق لقانون الفندقة وتخضع المحلات التجارية لقانون التجارة... ينبغي أن يخضع المسجد لقانون المساجد الجزائري أو خذوا بنايتكم واصنعوا منها ما تشاؤون ولا تجعلوها مسجدا. وبهذا المنطق اضطرت هذه الجماعة للاقتناع بأنها يجب أن تخضع للنظام المسجدي الذي وضعته الدولة الجزائرية. المسجد هو إنتاج اجتماعي بني لإشباع حاجة اجتماعية هي العبادة، وعليه يجب أن ينسجم مع باقي المؤسسات التي وجدت لإشباع حاجات اجتماعية أخرى كالمدرسة والمصحة ومصلحة الأمن.. وسواء أخذنا المسألة من زاوية الإيمان أو من زاوية الديمقراطية، لا يعقل أن نقيم في مجتمع ما مؤسسة تناهض المؤسسات الأخرى. هذا عن المسجد، لكن ماذا عن فتاوى الفضائيات العربية المختلفة والتي لا تتطابق حتما مع قيم المجتمع الجزائري؟ بخصوص المسجد دائما قرأت في ”الخبر” ردا على وزير الشؤون الدينية الذي أغلق المساجد، وهذه أكذوبة لأن المساجد كانت مغلقة قبل أن أكون وزيرا ودخلت في جدال مع مسؤولين في الدولة حول هذا الموضوع وقلت لهم إذا كانت مهمتي هي تسيير المساجد فيجب أن تكون مفتوحة وإلا ما قيمة التسيير في مهمتي. هناك تحدٍّ آخر مطروح على وزارتكم يتمثل في القنوات التلفزيونية الخاصة. هل الوزارة تمارس الرقابة على فتاوى الفضائيات الخاصة في الجزائر؟ أنا لا أمارس الرقابة على المساجد فكيف لي أن أمارسها على القنوات التلفزيونية؟ فأنا أرفض التدخل وتوجيه دروس وخطب الأئمة والأساتذة فيها. لكن بالنسبة للأساتذة الذين يعملون مع القنوات العمومية أدعوهم لعدم إطلاق أفكار تحدث الانشقاق في صفوف المجتمع وأفكار تمس بالوحدة الوطنية والدينية. هذا التزام أخلاقي، والالتزام الأخلاقي لا يفرض على الناس. أما الفضائيات الخاصة فأنا أعتبر المثقف حرا، وعندما كنت أدرس في الجامعة كنت أقضي أسبوعا لإعداد الدرس عندما يتعلق الأمر بموضوع الحرية كوني أفضل أن أترك الطالب يحس بالحرية وذلك هو مفهوم الحرية وليس درسا ألقيه على الطلبة. لكن الفضائيات الخاصة تأتي بمرجعيات دينية مختلفة. هل تتدخلون في برامجها الدينية مثلما تتدخلون في معرض الكتاب الدولي لمنع بث فتاوى غريبة مثلا؟ أنا قلت إن الإنسان الّذي يبادر لإنشاء قناة إعلامية، ماذا يريد، الربح؟ أنا أعتبره إنسان مثقفا، وهو مواطن جزائري، ولا أعتقد أنه يريد الشر لوطنه وبلده. من يريد أن يقول إن سياسة الحكومة ليست جيدة، ويقول ”انتشر الفساد” و ”المسؤولين سراقين..” قد يكون صادقا وقد يكون كاذبًا. لكن لا أظن أن مواطنة الجزائري وإيمانه يسمحان له أن يحدث انشقاقا في الجانب الديني، إلا إذا كان جاهلا فهنا يوجد العلاج وهو أن يكون المواطن الجزائري دائما هو الذي يختار. والمواطن إذا سمع حكما شرعيا يجب أن يتأكد من سلامته لأن هذا الحكم الشرعي لا يقضي بين المواطن ووزارة الشؤون الدينية، ولا يقضي بين المواطن وبين الدولة، بل يقضي بين المواطن ونفسه وربه. أما إذا بحث المواطن عن الجواب الذي يريده، فهو يغش نفسه. وهذه هي التوعية التي نقدمها للمواطن في المساجد وكذلك الأحاديث الدينية التي يقدمها أئمتنا والأساتذة العاملون في الجامعات، ولدينا أساتذة ما شاء الله من أمثال الشيخ سعيد بويزري والشيخ موسى... هم ليسوا مهيكلين في الوزارة لكنهم علماء مخلصون لبلادهم ووطنهم ودينهم وينصحون الناس، وهؤلاء يلتفت إليهم وتؤخذ منهم المعلومة الصحيحة التي تصحح ما يقال في الفضائيات وحتى الجرائد، لأن هناك فتاوى تنشر في الجرائد لا تتماشى مع ما يجري به العمل، وأنا أظن أن الشعب لا يوافقها. أنتم راضون إذن عن القنوات الخاصة الحديثة النشأة؟ بصراحة لم أشاهد الكثير من هذه البرامج، وما شاهدته لم أجد فيه ما يستحق الرفض. لكنني لم أشاهد إلا القليل منها فقط. ما رأيكم في الشيخ شمس الدين الذي أصبح محل جدل بين الجزائريين؟ لما يصبح الشيخ محل جدل وأحيانا محل سخرية من قبل المجتمع ماذا يبقى له من قيمة كإمام؟ الشيخ شمس الدين كان ”لا باس به”، له جمعية في بلكور يجمع الأموال من عند آخرين ويقوم بأعمال خيرية ويزوج الشباب، ويأخذ جزءا منها لنفسه وهذا لا إشكال فيه... وبعد ذلك أوقفت السلطات جمعيته وكنا اعتبرناه مظلوما آنذاك لأن جمعيته لم تكن تسيء إلى الدين، لكن السلطات رأت فيها أشياء لا أدري ما هي. الآن الشيخ شمس الدين أصبح مستهترا وأحيانا يسأل نفسه ويجيب على السؤال وكأنه ورد من مشاهد ويقول للمواطن ”اسرق على روحك راهم الناس لي يسرقوا بزاف”... هذا استهتار، ووصل الأمر إلى أن أصبح الشيخ شمس الدين محل سخرية وينكت به في المقاهي... ورجل الدين لا يجب أن يصل إلى هذا المستوى. ماذا عن الإمام الذي دعا في مسجد بوادي الرمان في العاصمة إلى الجهاد في سوريا؟ قيل إن إماما في وادي الرمان بالعاصمة دعا إلى الحرب في سوريا ولما سمعنا كلامه وجدنا أنه لم يصرح، وإنما ُفهم من كلامه هذا، وقال: ”أنا لم أكن أقصد، وإذا فهم ذلك كلامي فأنا أعتذر، وسأصلح وضعيتي”. نعود إلى فتاوى الفضائيات العربية. هل تعتقدون أن الإمكانات العلمية المتوفرة في الجزائر كافية لمواجهتها؟ ما هو موجود عندنا يسمح لنا بالإجابة على كل الأسئلة التي يطرحها المواطن. ثم لنأخذ مثالا ب ”أم بي سي” التي تتوفر على عدة قنوات، وكلها تحتوي على مختلف أنواع الموبقات ثم فيها فتاوى. هل نحن في حمام؟ فلنسمها ”فتاوى الحمام”. هم يتحججون بإرضاء كل فئات الشعب لكن هناك إرضاء لا يتناسب مع الأخلاق، وأقول للجزائريين لا يمكن أن ينصحني من يفتح لابنتي أو ابني أبواب الموبقات. نقابة قطاع الشؤون الدينية مسؤولوها يصرحون بآرائهم كأئمة وليس كنقابة، ما موقف الوزارة من ذلك؟ والله لما يتكلم كإمام أنا أتبنى كلامه كإمام، وإذا كان وقع في انحراف أو في شك مثلما كنا نتكلم فعندنا هياكل تفتيش ويطلبونه في الأمور الدينية. أما إذا تحدث الإمام كنقابي فلا ينبغي أن يخوض في الدين وإنما يتكلم عن المطالب الاجتماعية كالراتب وتأخره وعن المنح وعن التغطية وعن العطلة وغير ذلك. لا يحق إذن أن نفتي بصفة النقابي وإنما كإمام. تعكفون على إنشاء ديوان الزكاة. هل يكون على طريقة ديوان الحج أم ما هي ملامحه؟ مشروع صندوق الزكاة الآن استقام واشتد عوده وبدأ يتوسع، وهذا التوسع يتطلب الطاقة للتسيير تتجاوز الطاقة الإدارية التي نمتلكها. لقد كبر علينا، ولهذا فكرنا وما زلنا نفكر في إنشاء هيئة تتولى تسييره، طبعا نعاونها ونمشي معها حتى تستوعب المد المتسارع للزكاة. وهذه الهيئة لن تكون في شكل ديوان الحج والعمرة، لأن الشروط القانونية المتوفرة حاليا لا تسمح بذلك، وإنما ستؤسس في إطار الجمعيات الدينية، وقانون الجمعيات الدينية ننتظر صدوره. حضرنا الآن نصوصا لتشكيل الجمعية الوطنية التي تتكفل بجمع الزكاة وتوزيعها واستثمارها، ولما يصدر قانون الجمعيات نقدم هذا الموضوع لوزارة الداخلية لتوافق على إنشاء مؤسسة الزكاة. نفهم من كلامكم أن المؤسسة لها استقلالية عن الوزارة؟ طبعا لديها استقلالية عن الإدارة والوزارة، الزكاة والأوقاف لديها تسيير مستقل. ولكن تبقى دائما الوزارة هي التي تدعمها وترافقها وتهيئ لها ظروف النجاح. الزكاة الآن يقوم بها الأئمة وهم الذين يطلبون من المواطنين إخراج زكاة أموالهم، ولهذا الهيئة تحتاج للطاقات المسيرة والمراقبة في الوزارة، وبمجرد مرور قانون الجمعيات الدينية نقدم المشروع للحكومة. لكن هناك إشكال كبير يتمثل في عدم الثقة في الدولة وكذلك الناس يفضلون إخراج الزكاة بنفسها وليس عبر الدولة؟ لهذا الزكاة لن تسيرها الدولة وإنما في إطار جمعية دينية. وهل هذا حل لكسب ثقة المواطن؟ الآن المواطن لمن يعطي الزكاة رغم معارضة المستفيدين من الزكاة؟ طبعا الذين يطلبون من المواطن عدم إعطاء زكاته للدولة يقولون ”أعطيهالنا لينا”. والصندوق يسير بشكل جيد الآن، لأنك تساعد طالبا على فتح مكتب إعلام آلي أو محاماة، ولو كان عدد هؤلاء قليلا فهو هام جدا، وهناك فتاة من عين التوتة بولاية باتنة مثلا استفادت من قرض صغير جدا يتمثل في 10 ملايين سنتيم، فوفرت محلا صغيرا واشترت 4 ماكنات خياطة ووظفت مجموعة من الفتيات وقامت بإنتاج الأعلام الوطنية، فهذا شيء مهم جدا. لقد طلبت من مدير الشؤون الدينية هناك شراء كل الأعلام الوطنية التي تخيطهم هذه الفتاة لأخذها إلى البقاع المقدسة. وهناك شاب في بوفاريك أخذ 10 ملايين وبدأ ينتج العسل الحر. شخصيا أحس بأني أعمل عملا طيبا. وماذا بشأن استفادة الأصناف الثمانية المذكورين في القرآن الكريم من صندوق الزكاة؟ نعم، الفقراء يأخذون، مثلا هذه السنة زكاة عام 2012 التي وصلت إلى 130 مليار، والمستفيدون بلغ عددهم 757000، ومن استفادوا من زكاة الفطر العام الماضي وصلوا إلى مليون و300 ألف مواطن. وهل يمكن لهذه الأرقام أن تعتمد كمقياس للفقر في الجزائر؟ هذا هو السؤال، لمن نعطي الزكاة؟ ومن هو الفقير في مفهوم صندوق الزكاة؟ ندعو أساتذة علم الإحصاء والاجتماع للتقرب منا لكي يأخذوا هذه الإحصائيات، فنحن عملنا إحصائيات عملية، لأن أهل المسجد من سكان الحي، يعرفون الفقير جيدا وهم يقولون هذا هو الفقير، ولما تجمع الزكاة توزع على هؤلاء الأشخاص. هذه القائمة ترسل للولاية وتقول ”هؤلاء فقراء الحي الفلاني”... هناك ملاحظة أخرى بخصوص توزيع الزكاة على الفقراء، إذ هناك من يستفيد 3 مرات في السنة، مابين 12 ألف إلى غاية 15 ألف دينار، بين زكاة الزروع وزكاة المال وزكاة الفطر لعام 2012. أما المستفيدون من القرض الحسن تجاوزوا 7000 مستفيد. وما هو قطاع النشاط المستفيد أكثر من القرض الحسن؟ المهنيون أكثر من الفلاحين، والآن الجامعيون لأنهم يستفيدون من قرض يقدر ب50 مليون سنتيم. ماذا بشأن مشاريع الوقف الجديدة في الوزارة؟ نحن أعلنا أنه ستكون في هذا العام مبادرة لمواطنين لوقف الأموال والممتلكات والأراضي وغيرها، لكن مع الأسف لا توجد لدينا بورصة للاستفادة منها بأن نشتري أسهما في شركات كبرى. لهذا اضطررنا إلى الوقف الجماعي واتصلنا بالولايات لتحديد أخرى، إذ لدينا في قسنطينة مثلا 10 هكتارات سنبني عليها حديقة تسلية، ولدينا مساحة في مسجد سنبني عليها حظيرة بطوابق. وهناك من يقترح معصرة للزيتون في البيض، هناك الكثير من المشاريع ونحن نرى المشروع المفيد للناس. هناك تقارير تؤكد انتشار الطائفة الشيعية والأحمدية في العديد من الولايات. وما هو حجم هاتين الطائفتين في الجزائر؟ جاءنا تقرير على فرقة كشفية، فطلبنا من القائد العام للكشافة إجراء تحقيق، لكن وفق نتائج التحقيق الأمور غير صحيحة. ربما أشعلوا النار وقاموا بحركات تشبه ما تفعله الشيعة في الحسينيات هذا كل ما في الأمر. لكن لدينا في تيقصراين بالعاصمة عائلة تجمع الناس وتحفتل باحتفالات شيعية، ولا أدري ما هي الدوافع. هل هي مجرد معارضة النظام، أو دوافعها بإيعاز من بعض القوات التي تريد أن تجد لنفسها موضع قدم في الجزائر؟ وهناك في بومرداس إمام قال ”الرسول صلى الله عليه وسلم ليس هو خاتم الأنبياء وسيأتي نبي من بعده”، وطبعا المجلس العلمي أوقفه. ألا ينطبق قانون الشعائر الدينية للمسيحيين وغيرهم على هذه الطوائف بما أنها تدخل هي الأخرى في الحريات الدينية؟ لا نستطيع فعل شيء أمام هذه الظواهر. لماذا أدخلنا الوطن كجزء من التكوين الديني وأدخلنا الدين كجزء وعنصر في التكوين الوطني؟ لأن تاريخنا يقول هذا، وابن باديس يقول ”من أنا ولمن أعيش”. فالشخصية الجزائرية مركّبة من عنصرين هما عنصر الوطن وعنصر الدين، فهذه هي ثقافتنا، فلماذا ننكرها؟ لقد خطب البشير الإبراهيمي والميلي والطيب العقبي والشيخ العربي التسبي، وكل المشايخ والعلماء القدامى والمتأخرين أو المعاصرين والشيخ الزواوي، المقراني، وعلماء الصحراء في هذا الشأن. والشيء الذي نتفق عليه هو مواجهة الاستعمار والمحافظة على الشخصية الوطنية، إنها قوة لابد أن نستعملها في التكوين والحديث الديني. ولكن التقارير بدأت تدق ناقوس الخطر؟ ليست منتشرة، هناك تهويل، كم يوجد من الأحمديين؟ ولا تنسى أن هناك تشابها بين الأحمدية والعيساوة التي هي جزء من تراثنا. هل تنوون مراجعة قانون الشعائر الدينية لغير المسلمين؟ ما زالت هذه الظاهرة في عشها وهي لا تتوسع، وإذا لم تدخل فيها السياسة فلن تتوسع. أما إذا دخلت فيها السياسة فستتوسع كسياسة وليس كدين، علينا إذن أن نعاملها كظاهرة سياسية وكظاهرة داخلة في المعارضة. أما الشخصية الجزائرية فهي مركبة من عنصرين كما تقدم. ماذا عن الحصانة التي يطالب بها الأئمة بسبب قرارات تحويلهم وتوقيفهم والتدخل في شؤون المسجد من طرف المواطنين؟ هذا غير موجود، لأن الإمام لديه حصانة الوظيفة، وهو كموظف لا يحوّل بدون شك. بالعكس الإمام محصن أكثر لأن الإمام عندما يخطئ لا يحوّل إلى مجلس التأديب، وإنما يتقدم إلى المجلس العلمي، لأنه يتشكل من الأئمة، وهو الّذي ينظر في أمره وينصحه، وغالبا المجلس العلمي لا يعاقب الأئمة. وما تعليقكم عن حادثة تيزي وزو؟ أولا، يلزمنا معرفة أن الوضعية في تيزي وزو ليست الوضعية في الجزائر، وليس بالسهولة أن تأتي إلى الناس وتقول لهم ”تخلوا عن معتقداتكم أو عاداتكم”، ثم باسم الدين تحكم على الناس، فهذا حكم كبير. يجب أن يكون الإمام يعرف كيف يتعامل مع الناس، هل يعقل أن يرفض إمام الصلاة على جنازة من يؤمهم لأن لديهم تقاليد تستدعي انتظار وصول الأقارب قبل دفن المتوفي؟ إذا كنت إماما لا تصلّي على جنازتهم، فماذا تفعل إذًا؟ لعبت الزوايا دورا هاما في المصالحة الوطنية وفي مكافحة التطرف الديني، فهل مازالت قادرة على لعب أدوار جديدة، وكيف يتم تطهيرها من الذين يستغلونها لأغراض شخصية وانتخابية؟ في الحقيقة الزوايا ركن ركين من مكونات المجتمع الجزائري، وتمت محاولة إلغائها في الشرق الجزائري لم نستطع أن نرجعها إلا بعد التسعينات، وقبلها لم تكن تجد من يحفظ القرآن أو من يصلي بالناس التراويح... برغم وجود جامعة الأمير عبد القادر بقسنطينة، وهذا بسبب إلغاء الزوايا. ونحن لا نتدخل في تسيير الزوايا، وتركنا الحرية التامة في تسيير شؤونها، وإنما نحن نساعدها على استعادة دورها التعليمي والتوجيهي والأخلاقي. ولهذا الزوايا هي نفسها التي تحافظ على هذا الكيان وهي التي تمنع بعض الناس الذين يريدون استغلال بعض المواقف لخلق زوايا جديدة. وهل لديكم دور رقابي؟ ليس لدينا دور رقابي، وليس لدينا ما نراقب الزوايا عليه، لأنهم ليسوا متهمين في وطنيتهم ولا في دينهم. وما موقفكم من استغلال الزوايا للحملات الانتخابية؟ نحن نقدم لهم النصيحة فقط. هناك حتى شيخ زاوية أسس حزبًا سياسيا، لكن لا يطرح إشكال بما أن الزاوية لها أتباعها ولا تلزم إلا هؤلاء الأتباع. من المنتظر أن تلعب الوزارة دورا متميزا في تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015 مثل مشاركتها في تظاهرة تلمسان، هل يمكن معرفة أبرز ما قدمتموه في برنامج قطاعكم؟ شكلنا لجنة من الأساتذة والمؤرخين والمثقفين وطلبنا منهم تقديم اقتراحات، وإن شاء الله بعد رمضان سنجتمع بعد لقائي قسنطينةوالجزائر مع كل المدعوين الذين سيشاركون، وكل واحد منهم سيقدم لنا ورقة لوضع برنامج مشاركة في فعاليات قسنطينة عاصمة للثقافة العربية 2015، وما هو دور المساجد والزوايا والجمعيات الثقافية والتعليمية التي كانت موجودة. لأن العربية كان الناس يتعلمها في الزوايا، ثم جاءت مدارس جمعية العلماء... سنبرز إذن الناس الذين خدموا اللغة العربية في الجزائر بصفة خاصة، إذ يوجد ناس قدموا أعمالا في اللغة العربية ولو كانت دراساتهم باللغة الفرنسية كابن شنب، إلى جانب من خدموا اللغة العربية كالشيخ عتبة، والشيخ المهاجي، والشيخ نويوات وابنه المختار. وبخصوص إحياء النمط المغاربي في بناء المساجد، ابتدأتم به في مسجد آغريب، هل تنون توسيعه إلى باقي المساجد في الجزائر؟ أم جاء لتسوية النزاع في المنطقة كحل مشكل ظرفي فقط؟ لا، نحن جئنا لحل الإشكال، وقد شكلنا لجنة ولكنها اجتمعت ولم تستطع التواصل، ولأن النمط المغاربي ليس نمطا واحدا بل هو أنماط، خاصة في الجزائر، فالجزائر قارة: وعندنا في الجنوب لديها شكل، غرداية لديها شكل، الشمال لديهم شكل، ويجب علينا أخذ هذه الأشكال بعين الاعتبار، ولهذا جمعنا المهندسين في هذه المناطق ومن لديهم دراسات في هذا الميدان، وسنحاول الخروج بنماذج عشرة أو أكثر وكل منطقة النموذج الذي يناسبها. لو ننتقل بكم سيادة الوزير إلى نشاطكم السياسي، لقد لعبتم دورا كبيرا في التطورات الأخيرة التي شهدها حزبكم. كيف ترون مستقبل الأرندي؟ التجمع الوطني الديمقراطي يتشكل أساسا من الناس الذين مارسوا المسؤوليات في الدولة، فمن الطبيعي أن يكون توجههم مناهضا لمحاولات الانزلاق بالبلاد إلى ما لا يحمد عقباه. إذن حزبنا مناهض للإرهاب ويسعى للحفاظ على الجمهورية، لكن آفة الأحزاب هي الانتخابات. كثير من الناس في الحزب يهمهم فقط ما يعود عليهم من مصلحة في الانتخابات، لما يكون عنصر أو عنصران لا يؤثر أما عندما يصبح عدد هؤلاء كبيرا ويمتدون إلى القيادة فلابد من التغيير، وأعترف أن هذا التغيير تطلب وقتا أكثر مما يلزم بسبب تشابك المصالح وتناقضها مع مبادئ الحزب، ولا ننسى أن التجمع الوطني الديمقراطي أسسه عبد الحق بن حمودة رحمه الله. الآن هناك لجنة لتحضير المؤتمر الذي نتمنى أن يخرج بقيادة من نوعية رفيعة، لأن الإعلان عن قائمة لأعضاء المجلس الوطني والهيئة القيادية... لا يكفي. هل الأرندي يملك سلطة القرار لاختيار قيادة نوعية كما تتمنون، أم ستفرض عليكم من خارج الحزب مثلما يحدث للأفالان؟ اللجنة التي شكلناها لها سلطة القرار، لكن إذا لم يتخلوا عن نزاعاتهم الشخصية فإننا سنبيع ونشتري. هناك فرق بين الأفالان والأرندي سواء في المكونات أو في التسيير. لكن مشكل الحزبين هو نفسه يتعلق بالمرشح الذي يجب مساندته في الرئاسيات؟ حتى أساند مرشحا لابد لي من موقف، وحتى يكون لي موقف لابد من مجلس وطني وقوة انتخابية في المجتمع... الأمور تتغير من يوم ليوم ومن شهر لشهر، دعنا نصل للمؤتمر ثم نرى. وبخصوص الثورات العربية، هل تعتقدون أن الجزائر تجاوزت نهائيا سيناريو الربيع العربي أم الخطر ما زال قائما؟ كنا في مهمة مع بعض الأصدقاء حين انتقلت أحداث تونس إلى ليبيا. وحينها قال لي صديق: لقد اندلعت في ليبيا ومتى ستندلع عندنا نحن؟. قلت له أعطنا ستة أشهر سنرى تجربة تونس وليبيا ماذا ستفرز ثم ننهض نحن أيضا، أما أن ننتفض هكذا دون معرفة نتائج التجربة فغير معقول. الحمد لله بفضل حكمة رئيس الجمهورية وقدرته على تفكيك القنابل فقد أحاط المجتمع الجزائري بالقوى الفاعلة ويوجهها لتفادي هذه الفوضى. والربيع العربي ليس نفسه في كل الدول العربية وليس له نفس الهواء، وحتى نحن كانت لنا محاولة تيغنتورين، لكن كذلك لحسن حظنا الرئيس كان في قوته ولم يمرض بعد وجعل الجزائر محطة تزورها كل الشخصيات والرؤساء الذين كانوا سيحركون الشارع. وأعتقد أن تلك العملية أثرت فيه لأنه تعب فيها كثيرا ودفع الثمن بصحته، ندعوا الله أن يشفيه.